تصوير المنصات الاعلامية سواء القوية أو الضعيفة منها على ان الإسلام إنقرض وما تبقى منه فإنه حضارة محتضرة تلتقط انفاسها الأخير وان الغرب هو من سيقود العالم بتقنيته وانفتاحه.
وفي الجانب الآخر تحاول إظهار الدول ذوات الحضارة الغربية انها جنه موجودة على الارض دون التطرق لأي مشاكل قد اصيبت بها، مع العلم أنها تعاني من معضلات فعلية موجودة في المجتمعات الغربية وتهدد مستقبلها.
كما إنهم يرسخون فكرة أنَّ ما يحدث في الشرق الأوسط ما هو إلا نتائج تصرف واتباع الثقافة الخاطئة العربية الإسلامية، حسب ما يعبرون به من مصطلحات لا وجود لها على الواقع سوى في إعلامهم.
وهكذا أصبح كل بلد يصور بفكرة مسبقة للعالم بالإعلام، فمثلا الأمريكان بالقوة، واليابان بأنه ليس موجودا على الارض اصلا وانه كوكب آخر، والعرب بالارهاب حتى اصبح الجيل العربي الجديد يرى لبس الزي العربي تخلفاً واصبح يقتصر على المناسبات الاجتماعية المهمة مثل الاعراس والى غيره، وهكذا جعلو لكل شعب ودولة صورة في أذهان الرأي العام غير حقيقية بل مشوهة بما يخدم مصلحة المستكبرين.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما تصوره وسائل الاعلام العملاقة والذي غرضه التشكيك والتدمير للثقافة والتراث، هل هو لإنقاذ الشعوب العربية من مأزقها الذي هي فيه؟؟ ام ان ذلك ما هو إلا لغرض تدمير الشعوب بجعلها تنسى أسباب ما تعيشه من المحن والحروب والمشاكل؟؟
وقد اجاب على هذا التساؤل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فعلا بسياساتة الجديدة تجاه العرب والشرق الأوسط والعالم بأكملة فقد أظهر لنا الوجه الحقيقي للولايات المتحده الامريكية التي تدعي انها راعية السلام والاستقرار بالمنطقة ففي بداية الامر قام دونالد ترامب بسلسة انسحابات من اتفاقيات دولية منها:
اولا: اتفاقية باريس للمناخ التي هدفها الحد من الشذوذ في درجات الحرارة في الكرة الارضية، وتشجيع الدول النامية بالحد من التلوث وذوبان الثلوج واللذان يساهمان به بشكل رئيسي الصين والولايات المتحدة الامريكية، ولكن التأثيرات ضربت بالفعل البلدان العربية والتي اذا استمرت بهذا الشكل فسوف تعاني مستقبلاً من شحَّة المياة والذي بدورة سيؤدي الى الحروب بسبب الماء.
ثانيا: انسحاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب من مجلس حقوق الانسان الدولي وذلك بسبب دفاع هذا المجلس، ولو مرة واحدة وبشكل بسيط عن حقوق الفلسطينيين وإشارة خفيفة جداً من أن ما يقوم به الكيان الصهيوني (اسرائيل) هو انتهاك لحقوق شعب مشرد أحتلت ارضه من قبل كيان غاصب أسمه (اسرائيل) ، الأمر الذي أغاض ترامب والادارة الامريكية برمتها، فأصبح لزاما عليها الانسحاب من هكذا مجلس لا يستطيع التغطية على جرائم الكيان الصهيوني بل ينحاز ـ حسب تعبير البيان الامريكي ـ الى شعب هجر قسرا من أرضه وهو الشعب الفلسطيني.
ثالثا: الانسحاب من الإتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الاتفاق الدولي والذي أستغرق سنوات من الجهود الدولية حتى تم التوصل إليه فمجرد شخطة قلم يتم إلغاءه من قبل واشنطن لا لشيء سوى أن ايران اصبحت قوة في المنطقة بفكر اسلامي شعارها "الموت لأمريكا" و "الموت لإسرائيل" فرأى البيت الابيض أن يتدارك ليشن حربا متعددة الابعاد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وفي نفس الوقت يواصل دعمه السعودية ويعطيها الوعود بجعلها شرطي في المنطقة فيورطها بالدخول في حربٍ دامية مع اليمن غير مدروسة ولم تأخذ فيها كل الاحتمالات بالحسبان فلم تحقق أي نتائج لحد الآن سوى قتل ملايين الأبرياء.
رابعا: الانسحاب من اتفاقية الحد من انتشار الصواريخ النووية وبدء حرب باردة مع بكين وموسكو وتهديد العالم بحدوث حربٍ نووية.
فاصبح من الواضح ان الغرب ومنصاتة الاعلامية العملاقة سواء العربية منها وغير العربية الموجة من قبل الاستكبار كلها تعمل بإتجاه صناعة الحروب وقتل الأبرياء وجعل الدول تحت سيطرتها في ظل ما يسمى بدولة اسرائيل العظمى.
وإتضح للرأي العام العالمي ان الولايات المتحدة الامريكية لا تفكر إلا بمصالحها الخاصة غير مهتمة لمستقبل الشعوب والدول الاخرى، وها هو اليوم يرفع راية العصيان بوجه الارادة الامريكية، وإن كان بشكل خجول، إلا أنها خطوة متقدمة قياسا بالمواقف السابقة.
أما على مستوى امتنا الاسلامية فقد قيض الله لهؤلاء رجال وقفوا صامدين بوجه المخططات الاستكبارية فأفشلوها في سوريا والعراق وفي اليمن حيث التضحية والإيثار الذي لا يوجد له مرادفاً في قاموس حضارة الغرب، فاليوم السعودية بعواصفها وأسلحتها الامريكية تخسر أمام الشعب اليمني الصامد بقوة ايمانه واخلاصه امام تحديات الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحده الامريكية.
من هنا يحق لنا أن نقطع جازمين بأن أغراض الاستكبار العالمي لن يكون لها نصيب في النجاح في ظل الصحوة الاسلامية التي حمل شعلتها الامام الخميني ـ رحمة الله عليه ـ وسلمها لخليفته الامام الخامنئي سدد الله خطاه.
ونحن على يقين أن عجلة التاريخ لن تعود الى الوراء، فإن استطاع الاستكبار أن ينفذ مخططه بزرع الغدة السرطانية في جسم الامة الاسلامية وذلك في غفلة الزمن الغابر، فإن الأمة اليوم كلها ثقة بقدرتها على اجتثاث هذه الغدة من جسمها كما بشر بذلك مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني ـ رحمة الله عليه ـ وما هو على الله بعسير.
عبد الله كرعاوي - لموقع اذاعة طهران العربية