أولا: إن تورّط وسائل إعلامية مرئية ومسموعة مرخّصة في حملات شيطنة المقاومة والافتراء عليها بسيل من الأكاذيب والأخبار الملّفقة، هي عملية تراكمية مستمرة في الفضاء الإعلامي اللبناني، تتمّ بإيعاز أجنبي ولقاء بدلات مالية، تدفعها الجهات الخارجية المحرِّكة، الأجنبية منها والعربية.
وفي الواقع هي خدمات مدفوعة الأجر تقدّمها وسائل إعلام لبنانية لدول وحكومات أجنبية متورّطة في فعل عدواني، يستهدف السيادة اللبنانية والأمن الوطني اللبناني والاستقرار اللبناني، ومحاولة بثّ الفتن والشروخ المؤذية داخل لبنان بالتحريض المدفوع الأجر، الذي تورّط فيه وسائل إعلامية مرخّصة، وتستغلّ تراخيصها لخدمة جهات أجنبية متآمرة على استقلال لبنان وسيادته ووحدته الوطنية.
إن كل خبر أو تعليق أو مادة إعلامية تبثها وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة المرخّصة، ويقع محتواها في سياق التناغم مع الحملات الأجنبية المعادية، بما يتضمّن ذلك المحتوى من افتراءات كاذبة واتهامات مختلقة، هو جرم يحاسب عليه القانون، ويصل عقابه حتى سحب الترخيص من المؤسسة المرتكِبة، عدا عن حق السلطة التنفيذية في إمكانية استنساب الغرامات، التي يمكن فرضها عى المؤسسات المخالفة والمرتكِبة، والقانون واضح في أحكامه، واستهار الإعلاميين يستحق العقاب.
ثانيا: إن ملف الحملة الإعلامية التي تستهدف المقاومة، هو في الواقع ملفٌّ لأفعال إجرامية تطال الوحدة الوطنية اللبنانية والأمن الوطني اللبناني، ولذلك لا يمكن السكوت عنه، وليس أمرا عاديا وعابرا. فالبلد الذي يعيش مأزقا كبيرا اقتصاديا وسياسيا يهدد استقراره الداخلي، يواجه أخطر فتنة في حملات التحريض المنظّمة والمدفوعة ضد حزب الله.
هذه الحملات هي الصدى الميداني لمشيئة أميركية صهيوية معلنة، ومستحقّة الشك بعمالة مدبّريها ومنفّذيها كائنا من كانوا سياسيين أم مالكي وسائل إعلام. فطيلة السنوات الماضية كانت محاولات شيطنة المقاومة جزءا من مؤامرات تدمير المناعات الوطنية، وخطط ضرب السيادة اللبنانية، والدّفع بلبنان الى أتون الفتن والانقسام الداخلي. وهذا أمر خطير يتطلّب مجابهة مع المدبّرين والمنفّذين، بدءً من تحريك الآليات القانونية لمحاسبة وسائل الإعلام المقروءة والمرئيّة والمسموعة والإلكترونية المشاركة في الحملات. وهي بكونها الصدى لمشيئة معادية، تمارس خرقا فاضحا للسيادة ولأحكام القانون، يستحقّ المحاسبة الصارمة دون إبطاء.
ثالثا: التحرّك قانونا بالتصدّي لهذه الجرائم، التي تمسّ الوحدة الوطنية وسيادة الدولة، هو استحقاق يطرح نفسه على كلّ مواطن حرّ وشريف داخل المؤسسات العامة اللبنانية. ومن موقعي في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، ورغم صلاحيات المجلس الاستشارية، أدعو الى معالجة هذا الأمر بوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وعدم الصمت تحت ضغط الترهيب، الذي يحرّكه المتورّطون، الذين لا يريدون الخير للبنان، والذين ينفّذون مشيئة أجنبية مفضوحة. وأتمنى في هذا السياق، أن تتجاوب مؤسسات السلطة اللبنانية مع موجباتها، باعتبار ما يجري على الصعيد الإعلامي تدخّلا أجنبيا وعدوانا على السيادة اللبنانية، وليس مجرّد مخالفات ترتكبها وسائل الإعلام المحلية المتورّطة لقاء بدلات تتلقاها من هذه الجهة أو تلك. وهي مخالفة خطيرة لأركان الترخيص الممنوح لوسائل الإعلام المرئي والمسموع، التي تستحقّ محاسبتها على المخالفات الخطيرة، حين تمسّ السيادة الوطنية والكرامة الوطنية والأمن الوطني.
هذا الأمر هو ملفّ سيادي بامتياز، ويوجب التحرّك من جميع المسؤولين. فحين تقرّر الولايات المتحدة الأميركية تفجير الوفاق الوطني اللبناني، وتعطيل تشكيل الحكومة لشلّ البلد واستنزافه وإضعافه، واستهداف السيادة الوطنية اللبنانية لمصلحة العدو الصهيوني، يعني ذلك أن ما يجري هو عدوان أميركي خطير على السيادة الوطنية. ولن نبالغ في موقفنا بدعوة الواقع السياسي المخلّع والمتهتك على محاور المصالح الصغيرة الى مجابهة المشيئة الأميركية، التي يخرّ سجودا أمامها الكثير من الأطراف المحلية، ولكن أضعف الإيمان هو رفض تفجير لبنان بحماية الأبواق، التي تفتعل الفتن، وتختلق التعارضات، ومحاسبة مخالفي أحكام قانون الإعلام المرئي والمسموع 382/94. وهذا يطال في هذا الملف مؤسساتٍ مرتكِبة، تعرف نفسها وحدود تورّطها في تنفيذ تعليمات أجنبية لتفجير الفتن داخل البلد. ولنا عودة الى هذا الملف.
غالب قنديل