وفي تحليل بقلم إيف تريار، قالت الصحيفة إن هذا الإفراج كان يفترض أن يكون مناسبة سارة يفرح به ماكرون كما كان يفعل دائما بمثل هذه المناسبات، خاصة بعد 7 سنوات من انخراط الجيش في عملية تساءل كثيرون عن ضرورة مواصلتها بعد أن أودت بحياة 50 من الجنود في مواجهة سديم جهادي بعيد المنال وعلى أرض تعادل مساحتها مساحة أوروبا.
وقال الكاتب إن فرنسا و5 آلاف عنصر من قوة "برخان" عالقون في حرب لا نهاية لها، معظم عملياتها خطف وهجمات قاتلة ومحاولات اغتيال، مشيرا إلى أن الخروج منها يبدو مهمة مستحيلة.
وتساءل: هل شخصية بترونين هي التي أحرجت رئيس الجمهورية؟ خاصة أن هذه المرأة البالغة 75 عاما استقبلت في باريس بسيل من الإهانات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تلق أي نوع من التعاطف على إثر تصريحها باعتناق الإسلام، وبأنها عاشت خلال اعتقالها "تجربة روحية" إضافة إلى عزمها على العودة إلى مالي للعيش هناك.
واستطرد: هل ما عبرت عنه هذه المرأة هو "متلازمة ستوكهولم" (تعاطف الضحية مع الجلاد) أم أنه تكونت لديها قناعة؟ خاصة أنها ترفض النظر إلى آسريها السابقين على أنهم جهاديون، وأن تصورها للصراع في منطقة الساحل يزعج بل يغيظ كثيرا من الفرنسيين.
وتساءل مرة أخرى: لماذا نستمر في دفع دماء جنودنا ثمنا لسماع مثل هذه التعليقات؟ مؤكدا أن هذه المرأة شغوفة بعملها الإنساني بقدر شغفها بأفريقيا، ولكن من الصعب متابعتها وهي تطلق على نفسها الآن مريم، بعد أن دخلت في الإسلام.
وواصل الكاتب طرح تساؤلاته: هل كانت شروط الإفراج عن "مريم" هي التي جعلت رئيس الجمهورية غير مرتاح؟ وأشار إلى أن إطلاق سراح أي رهينة يؤدي إلى مفاوضات، متسائلا مقابل ماذا؟ وهل هناك فدية؟ علما بأن هناك حديثا عن دفع 10 ملايين يورو، وإن كان الاعتراف بدفع هذا المبلغ صعبا، إذ كيف تبرر الحكومة للرأي العام تسليح العدو، حيث إن الأموال سيتم استخدامها بالطبع لتعزيز قوته الضاربة.
ومع أن هذا المبلغ لا دليل على تقديمه، فإن إطلاق سراح أكثر من مئتي ارهابي من سجون مالي أمر رسمي مع أن بعض من تم إطلاقهم يمكن أن يكون متورطا في هجمات ضد الجيش الفرنسي.
وأشار الكاتب إلى أن فرنسا لم يكن لديها الكثير لتقوله في إطلاق بترونين، مشيرا إلى أن جوهر الأمر هو دولة مالي أولاً وقبل كل شيء، حيث كانت أولوية المجلس العسكري -الذي تولى زمام الحكم الصيف الماضي هناك- هي استعادة السياسي سوميلة سيسي، وكان الإفراج المصاحب عن بترونين أقل أهمية بالنسبة له، وإن بدا أنه إشارة حسن النية قدمت لباريس التي رحبت بالانقلاب.
وخلص إلى أن هذا الفصل الجديد لن يجعل مهمة ماكرون في منطقة الساحل أسهل، ففي نظر العديد من الفرنسيين، الثمن الذي يتوجب دفعه هناك ثقيل للغاية وغير مقدر، خاصة وأن الارهابيين ماضون في التجنيد وتحقيق مكاسب على الأرض في جميع أنحاء أفريقيا.