نبدأ مستمعينا بالقصة الاولى وفيها اكثر من عبرة جميلة فهي تعرفنا ان المرض والابتلاء قد يكون احياناً تدبيراً من الله عزوجل لأيصال عباده الى الهداية وهذا ماجرى مع صاحب الحكاية وهو الاخ وارطون كارباسي وقد ولد في عائلة مسيحية بقرية فونت بلو التي تبعد عن باريس قرابة الخمسين كيلو متراً في فرنسا، اكمل دراسته الاكاديمية في دار المعلمين في عام ۱۹٥۱ وغادر فرنسا متوجهاً الى بريطانيا لأكمال دراسته التخصصية في هندسة الراديو والكهرباء وقد بقي في بريطانيا مدة اربع سنوات وبضعة اشهر عاد بعدها الى باريس، لم يبق وارطون طويلاً في فرنسا فوقع عقداً عام ۱۹٥٦ مع احدى شركات الطيران ولمدة سنة واحدة في مطار مهراباد الدولي في طهران عاصمة ايران الشعبة الفنية وبعد انقضاء المدة رحج البقاء في ايران وهكذا قضى ثلاث سنين عمل كمترجم في المعاهد التجارية المختلفة.
اغتنم وارطون كارباسي اوقاته في ايران بالمطالعة والدراسة حول الدين الاسلامي عموماً والمذهب الشيعي على وجه الخصوص كما قرأ القرآن عدة مرات ليرى مافيه من كنوز وذخائر وشاءت الحكمة الالهية ان يصاب بمرض عضال وبمرور الايام اخذت شدة المرض والامه تزداد وتزداد معها المعاناة فقرر الاطباء ونتيجة الفحوصات التي اجريت اليه اجراء عملية جراحية فعلى الرغم من ذلك لم ييأس ولم يستسلم وبقي متعلقاً بأمل الشفاء.
مستمعينا الاماجد وكان تعلق هذا الشاب الغريب بأمل الشفاء هو قطفة النور التي اوجدها الله عزوجل في قلبه وخطط جلت حكمته ان تتزامن شدة معاناته من المرض مع شهر محرم الحرام حيث تقام مراسم الملحمة الحسينية لتفتح له افاق الشفاء والهداية. يقول وارطون: كانت بجواري دار واسعة اعدت للتعزية وكانت المآتم تقام في الليالي وتلقى فيها ذكريات المصائب فأتفق ذات ليلة ان قدم لي احد خدمة المأتم طبق شاء وقال: ايها السيد تشتهي ان تشرب شاء الامام الحسين عليه السلام؟ فقبلت منه على اشتياق ورغبة تامتين وعندما لمست شفتاي ذلك الشاي احسست ان نوراً خاطفاً اضاء فكري فناجيت ربي "الهي بحرمة الامام الحسين ومنزلته ارني معجزة خارقة لأستريح من هذه الالام ومن شدة المرض" وفي اليوم التالي وعند نهوضي من فراشي رأيت عجباً، ان المعجزة وقعت وشفيت. من المطالعات السابقة حول الاسلام وهذه الواقعة العجيبة التي شاهدتها عيناي اثرت اثرها في نفسي فصممت على اعتناق الدين الاسلامي.
نعم مستمعينا الافاضل لقد دخل حب الحسين في قلب هذا الشاب الفرنسي وايقن مما رأى ان الحسين عليه السلام ولي الله وحبيبه فأختار ان يتسمى بأسمه الشريف وبالمنهج القويم الذي يمثله وهو مذهب اهل البيت عليهم السلام ومذهب مدرسة الثقلين وقد توجه الى مدينة قم المقدسة واعلن اسلامه فيها واختار لنفسه اسماً جديداً وهو حسين الاثنى عشري.
اعزاءنا المستمعين ومن قصة هذا الاخ الفرنسي ننقلكم الى لبنان وقصة شاب مسيحي اهتدى بالحسين عليه السلام وبالروح الحسينية، جاهد كيان الافساد الاسرائيلي حتى نال بالحسين عليه السلام وسام الشهادة انه الاخ الشهيد حيدر طوني ابو غانم وقد ولد رحمة الله عليه في الضاحية الجنوبية لبيروت عام ۱۹٦٥ في لبنان، نشأ وترعرع في اوساط عائلة مسيحية، دخل في مدرسة النور التكميلية وقطع فيها مراحل الدراستين الابتدائية والمتوسطة ثم دخل كشافة الرسالة الاسلامية وتعلم فيها بعض الدروس الاسلامية ثم دخل الصليب الاحمر لتعلم شؤون الاسعافات الاولية.
ان دخول طوني ابي غانم في كشافة الرسالة الاسلامية جعله يتعايش مع المسلمين عموماً والشيعة خصوصاً وقد مرت لبنان في تلك الفترة بالحروب الاهلية والتهديد الصهيوني وانهيار البنى التحتية للبلد. لقد شاهد طوني ابو غانم اندفاع الشباب المؤمن في المعمل ببركة الروح الحسينية وسمع احاديثهم عن الحسين وملحمته الخالدة فأحبهم واندمج معهم حتى صار كأحدهم بالرغم من كونه مسيحياً يوم ذاك وهكذا اصبح يتردد معهم الى المسجد والحسينية القريبان من محل تواجدهم واخذ يتعرف على الدين الاسلامي وخصوصيات المذاهب وبالذات المذهب الجعفري حتى اقتنع اقتناعاً كاملاً فأسلم وتشيع لأهل البيت النبوي وسمى نفسه حيدراً حباً بأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام ورغم المضايقات والمصاعب التي واجها من قبل ذويه فقد ثبت وصمد بتأثير الروح الحسينية التي عشقها وينقل شهود عيان انهم طالما رأوه قبل صلاة الفجر في المسجد وهو يؤدي صلاة الليل كما كان يحرص على الحضور في الحسينية في جميع المناسبات وبالاخص مراسم عاشوراء.
وبقيت مراسم عاشوراء تؤجج في قلب الاخ حيدر ابي غانم روح الجهاد الدؤوب ضد العدوان فكان للاخ مواقف جهادية مشرفة ضد الكيان الصهيوني، لقد شارك في التصدي لمواجهة الاجتياح الصهيوني للبنان عام ۱۹۸۲ ميلادي وكان في خضم المعارك العنيفة كما تصدى مع المجاهدين الى الغزو الاطلسي لبيروت والضاحية، اعتقل عام ۱۹۸٤ من قبل الصهاينة في جنوب لبنان واطلق سراحه بعد سنة ونصف من اعتقاله وقد امضاها في سجون فلسطين المحتلة كما كان يشغل منصب قائد مجموعة في بعض المواجهات في صد العدوان الصهيوني وقد عرف واشتهر عندما تمكن بحول الله من اسقاط احدى مروحيات الصهاينة في بلدة دير كيفا وفي عام ۱۹۹۱ نال شرف الشهادة اثناء مواجهة بطولية ضد الصهاينة في بلدة القنطرة الحدودية فرحمة الله عليه وحشره في زمر النبي واله صلى الله عليه واله وسلم.
مستمعينا مستمعاتنا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران قدمنا لحضراتكم برنامج بالحسين اهتديت وكنتم مع الحلقة الاخيرة من هذا البرنامج، شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.