البث المباشر

الإهتداء باستجابة دعوات الحسين (عليه السلام ) على قاتله

الأربعاء 24 أكتوبر 2018 - 15:11 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله، تحية طيبة مباركة نهديها لكم في مطلع لقاء آخر من هذا البرنامج نخصصه لطائفة من روايات نقلتها المصادر المعتبرة عند مختلف فرق المسلمين وهي روايات تبين استجابة الله عزوجل لدعوات الإمام الحسين – عليه السلام – على ظالميه وقاتليه..

وسبب ذكرنا لها في هذا البرنامج هو أن ببركة هذه الحوادث اهتدى كثيرون على مدى التأريخ الإسلامي إلى الدين الحق إذ رأو فيها دلالات واضحة على ارتباط سيد الشهداء – عليه السلام – بالقادر المتعال تبارك وتعالى، تابعونا مشكورين.


إخوتنا المؤمنين الأفاضل.. جاء في فضل الإمام وصفاته قول الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: (الإمام.. البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى. الإمام.. الدال على الهدى، والمنجي من الردى.. نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين). أجل – أيها الإخوة الأكارم – ذلكم هو الإمام الوصي، وهبة الله تبارك وتعالى ملكات خاصة، وخصائص فريدة، منها المعاجز والكرامات، يراد منها هداية الناس، بعد أن تكون تلك المعاجز أسبابا في إثبات الإمامة والوصاية.


وإذا كانت المعجزات – أيها الإخوة الأعزة – إحدى نعم الله عزوجل وهباته الكريمة على الأئمة الهداة عليهم السلام، فقد سخروها لقضاء حوائج المحتاجين، وإغاثة أحوال المستغيثين، وإنقاذ الحيارى والملهوفين، وهداية المترددين والضالين.

لكن أمورا قد تطرأ، تكون معجزة الولي منصرفة إلى تأديب الهاتكين لحرمات الله جل وعلا، ومعاقبة المتجاوزين لحدود الله عزوجل، فتأتي المعجزة قامعة لهم، وهي في الوقت ذاته تكون علامة، وإشارة، وعبرة منبهة للآخرين، ليأوبوا، ويتوبوا، ويهتدوا... كما جرى ذلك على يد أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه.


روى ابن عساكر أن رجلا من بني أبان بن دارم يقال له زرعة، رمى الحسين بسهم فأصاب حنكه، فجعل عليه السلام يتلقى الدم ثم يشير به إلى السماء فيرميه، ودعا على راميه: "اللهم ظمئه، اللهم ظمئه".
 

قال محمد الكوفي: فحدثني من شهده وهو يموت، فيصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون، وهو يقول: إسقوني فقد أهلكني العطش! فيؤتي بالعس العظيم فيه السويق أو الماء أو اللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش! فانقد بطنه إنقداد البعير! …ولما برز علي الأكبر صاح الإمام الحسين بعمر بن سعد: (مالك! قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله، وسلط عليك من يذبحك على فراشك!).

وقد استجاب الله دعاء سيد الشهداء عليه السلام على يد المختار الثقفي، فقتل حفص بن عمر بن سعد ثم ذبح عمر بن سعد على فراشه. وحين جاء رجل من كندة فضرب الحسين على رأسه الشريف ففلقه، وسقطت عمامته عليه السلام على الأرض، دعا عليه قائلا: (لا أكلت بيمينك ولا شربت بها، وحشرك الله مع القوم الظالمين).

قال المؤرخ أبو مخنف: لما أخذ الكندي عمامة الحسين عليه السلام قالت له زوجته: ويلك! قتلت الحسين وسلبت ثيابه! فوالله لا جمعت معك في بيت واحد. فأراد أن يلطمها، فأصاب مسمار يده فقطعت من المرفق، ولم يزل فقيرا.


وبرز من عسكر عمر بن سعد رجل يقال له تميم بن حصين الفرازي، فنادى: يا حسين، ويا أصحاب الحسين، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات، والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا! فدعا عليه الحسين: "اللهم اقتل هذا عطشا هذا اليوم" فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه، وهلك.
أجل.. وهلك كل قتلة أبي عبد الله الحسين عليه السلام هلاكا ذريعا، منقلبين إلى مصير أسود شر انقلاب، وكيف لا يكون ذلك وقد دعا عليهم ريحانة رسول الله حين رماه أبو الحتوف الجعفي بسهم في جبهته المقدسة، فلما نزعه سالت الدماء الشريفة على وجهه المبارك فقال: "اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولاتذر على وجه الأرض منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا! " ثم صاح بهم: (يا أمة السوء! بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله، بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي وأيم الله، إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة، ثم ينتقم الله لي منكم من حيث لا تشعرون) فقال الحصين: وبماذا ينتقم لك منا يابن فاطمة؟! فأجابه الحسين سلام الله عليه: (يلقي بأسكم بينكم، ويسفك دماءكم، ثم يصب عليكم العذاب صبا!)
روى الخوارزمي الحنفي في (مقتل الحسين عليه السلام) أنه ما بقي من قتلة الحسين أحد لم يقتل إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت !... كذلك روى ابن حجر الهيثمي الشافعي، وسبط ابن الجوزي الحنفي، والشبلنجي الشافعي، وغيرهم، أن الزهري – وهو من محدثي أهل السنة ومشاهير رواتهم – قال: لم يبق ممن قتل الحسين، إلا من عوقب في الدنيا إما بقتل، أوعمى، أو سواد الوجه، أو زوال الملك في مدة يسيرة !
نعم _أيها الإخوة_ ويكفينا هنا أن نراجع ثورة المختار الثقفي، وتقتيله لقتلة الإمام الحسين عليه السلام ما يقارب ثمانية عشر ألفا منهم، في غضون ثمانية عشر شهرا.

كذلك يكفينا أن نراجع موسوعة العلامة المجلسي رضوان الله عليه: بحار الأنوار، حيث دون فيه وقائع كثيرة في الجزء الخامس والأربعين من كتابه هذا، في فصل تحت عنوان (ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا، وما ظهر من إعجازه واستجابة دعائه في ذلك عند الحرب وبعدها).
وكم كان لتلك الوقائع – أيها الإخوة الأحبة – من عبر واعظة، ومؤشرات كالصاعقة هزت النفوس والضمائر والقلوب، حتى أوقفت الأمة على اليقين على أن الحسين إمام ولي قتل مظلوما بعد أن أراد لهم الهداية والخير والسعادة الأبدية، فلما أبو نزل عليهم العذاب الرهيب، وكان من بوادره انقلاب العوالم بعد قتل سيد الشهداء..

من ذلك أن أمطرت السماء دما سال على البيوت والجدران، وبقي على الثياب مدة حتى تقطعت، وما رفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم عبيط، ومكثت السماء أياما مثل العلقة، وضربت الكواكب بعضها بعضا، وأحمرت الآفاق، وسقط منها تراب أحمر، وظهرت النجوم نهارا، وانكسفت الشمس، وظن الناس أن القيامة قامت!


ذكرت ذلك مصادر المسلمين على اختلاف مذاهبهم، حقائق صارخة اهتدى بها من وعاها، وقد أنذرت فأتعظ بها أناس علموا بعد ذلك أن المنة للحسين، وأن الفضل في ذلك للحسين، وأن هدايتهم كانت ببركة الحسين، صلوات الله على الحسين.
إنتهى مستمعينا الأكارم الوقت المخصص لهذه الحلقة من برنامج (بالحسين اهتديت) نشكر لكم جميل المتابعة نحييكم من إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران بأطيب تحية متجددة ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة