إلهي ان أقعدني التخلف عن السبق مع الأبرار فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الأخيار، إلهي قلب حشوته من محبتك في دار الدنيا كيف تطلع عليه نار محرقة في لظى، إلهي نفس أعززتها بتأييد إيمانك، كيف تذلها بين أطباق نيرانك.
إلهي لسان كسوته من تماجيدك أنيق(۱) أثوابها كيف تهوي إليه من النار مشعلات التهابها، إلهي كل مكروب إليك يلتجئ، وكل محزون إليك يرتجي.
إلهي سمع العابدون لجزيل ثوابك فخشعوا وسمع الزاهدون بعظيم جزائك فقنعوا، وسمع المذنبون بسعة رحمتك فرغبوا، وسمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المجرمون بكرم عفوك فطمعوا، حتى ازدحمت عصائب العصاة من عبادك، وعجت إليك منهم عجيج الضجيج بالدعاء في بلادك، ولكل أمل ساق صاحبه إليك محتاجا، ولكل قلب تركه وجيب(۲) خوف المنع منك مهتاجا(۳)، وأنت المسئول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، ولم ترد بنزيله قطيعات المعاطب.
(۱) التماجيد جمع التمجيد: وهو المجد والسؤدد والعظمة، الانيق: الحسن المعجب.
(۲) الوجيب: خفقان القلب واضطرابه.
(۳) مهتاجا: ثائراً ومتحرّكاً.