البث المباشر

الهولندية (آنا ساخت) ودرس التضحية الحسينية

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:42 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء. تحية مباركة طيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج.. نتأمل فيها معا في درس من دروس الهداية الحسينية وآثاره في أصحاب الحسين، عليه السلام، يوم عاشوراء وكذلك آثاره على الأخت الهولندية (آنا ساخت) التي تأملت في هذا الدرس وإهتدت به تابعونا مشكورين. 

أيها الإخوة.. قد يسهل ويتسنى، بل ويتيسر للمسلم أن يمارس المناسك الدينية، والعبادات الظاهرية، أما أن يتولى إمامه الحق ويواصله ويتابعه، ويسلم أموره إليه مهما آلت اليه تلك الأمور، فتلك درجة عالية من الإيمان والطاعة لله تبارك وتعالى، وهو القائل مخاطبا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ " (سورة النساء٥۹).
إن الحظ الأوفى للمؤمنين، أيها الإخوة الأكارم، أن تكون فيه هداية اعتقادية، وهداية أخلاقية، وهداية معرفية تبلغ آفاق التسليم والفداء، والإقدام على التضحية والشهادة بين يدي ولي الله.

وإذا كان قد تحقق ذلك على مستوى رفيع، فإنما تحقق في أهل بيت الحسين، وأصحاب الحسين، وذلك ببركة هداية الإمام الحسين، صلوات الله وسلامه عليه، لقد شد أبو عبد الله رحاله في المدينة ليخرج منها، بعد أن رأى بني أمية يحومون على اغتياله، فهب معه بنوه وإخوته، وبنو أخيه وأهل بيته، وعدد من أصحابه المخلصين، يسيرون معه إلى حيث سار، لايقترحون عليه، كما لايعترضون على إرادته، فبلغوا معه مكة المكرمة، وأقاموا معه أربعة أشهر صابرون و ينتظرون.

حتى إذا حاول الغدرة قتل الحسين بأمر من طاغيتهم ولو كان الحسين متعلقا بأستار الكعبة، غادر الحسين مكة راحلا إلى العراق، وقد نهض معه أهل بيته وأصحابه يؤازرونه في رحلته إلى حيث أراد، فهو إمامهم، والإيمان يقتضي أن يجعلوه أمامهم، وهم مأمومون مؤتمون به، بعد أن هداهم وعرفهم الطريق إلى الله تعالى، ولا يسلك ذلك الطريق إلا بالنبي أو بالوصي.
وكانت كتب أهل الكوفة قد توافدت عل الإمام الحسين سلام الله عليه وهو في مكة، تدعوه إلى القدوم عليهم، إذ هم هناك بغير إمام، فيمم وجهه المبارك نحو العراق، بل نحو كربلا حيث شهادته التي أخبر بها مرارا، فهو مقبل على أمر الله تعالى، مقبل على الله في طاعة منقطعة إليه، فاقتدى به من اقتدى، بعد أن اهتدى به من اهتدى.


إخوتنا الأكارم.. لقد مضى أبو عبد الله الحسين إلى العراق ومضى معه أحبته ينظرون إليه أنه إمامهم، ومنار هدايتهم، ووسيلتهم إلى الله في نوال مرضاته تبارك وتعالى، فساروا خلفه، حتى إذا رخص لهم الرجوع إلى أهلهم وأوطانهم لأن القوم لا يطلبون غيره، ولايبغون إلا قتله، أبوا على أنفسهم ذلك، وثارت غيرتهم على إسلامهم، كما ثارت حميتهم على إمامهم، فأبدوا فداءهم قولا صادقا صدقته واقعة عاشوراء فيما بعد..

حين وقفوا يدرأون عنه السيوف والرماح والنبال.
لقد نزل الحسين أرض كربلاء في الثاني من المحرم سنة إحدى وستين، فجمع ولده وإخوته وأهل بيته وكلمهم، ثم أقبل عل أصحابه فقال لهم : "قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وأن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل. إلا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما"

هذا كان خطاب الحسين عليه السلام، فبماذا أجابه أصحابه بعد هذا يا ترى وهم أهل البصائر؟!
بعد أن كشف الإمام الحسين عليه السلام لأصحابه حقائق نيرة، قام زهير ابن القين فقال : سمعنا يا أبن رسول الله مقالتك، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فها مخلدين، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها).

ثم قام برير بن خضير فقال : يا ابن رسول الله، لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطع فيك أعضاؤنا، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة). بعد ذلك قام نافع بن هلال الجملي، فكان له مقالته ختمها بقوله : سر بنا راشدا معافى، مشرقا إن شئت أو مغربا، فو الله ما أشفقنا من قدر الله، ولا كرهنا لقاء ربنا، وإنا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك، ونعادي من عاداك).
أجل - أيها الإخوة الأفاضل – قالوا ذلك وهم صادقون مخلصون، وهم بإمامهم محتفون، وله مؤازرون، فلم يتركوه إذ هم به مهتدون، فتقدموا للجهاد والفداء بن يديه، حتى أنهم لم يرضوا أن ينتظروا فيقتل أمامهم أحد من أهل بيت الحسين، فاستأذنوه فأذن لهم إمامهم وهم مغتبطون بذلك، إذ كان ذلك أسعد عيد لهم في حياتهم رضوان الله عليهم.

بأبي من شروا لقاء حسين

بفراق النفوس والأرواح

وقفوا يدرؤون سمر العوالي

عنه والنبل وقفة الأشباح

فوقوه بيض الظبى بالنحور البيض

والنبل بالوجوه الصباح

أدركوا بالحسين أكبر عيد

فغدوا في منى الطفوف أضاحي

بأبي الذاهبون بالعزة و النجدة

و البأس و الهدى والصلاح

أشرق الطف منهم وزهاها

كل وجه يضيء كالمصباح


كان هذا مستمعينا الأكارم حال أنصار الحسين – عليه السلام – يوم عاشوراء اهتدوا بالحسين إلاّ أن المبادئ والقيم التي يحملها جديرة بأن يضحى لها بالغالي والنفيس..

وهذا الدرس الحسيني خلدته دماء سيد الشهداء إلى يوم القيامة، تعلمه واهتدى به الكثيرون نساء ورجال في كل عصر، ومنهم الأخت الهولندية (آنا سخات) هذه الأخت الكريمة اعتنقت الإسلام في مطلع عام الألفين الميلادي وتزوجت من مسلم عراقي نشأ في كربلاء مدينة الحسين – عليه السلام – وقد تقيم معه ومع أطفالها الأربعة في بريطانيا……

تقول الأخت آنا ساخت في لقاء أجري معها أثناء زيارتها للمشهد الحسيني المبارك سنة ۲۰۱۱ ميلادي : إن المشاعر التي تنتابني عند زيارة الإمام الحسين عجيبة ومن هذه الميدنة أوجه دعوة للجميع لزيارة الإمام أبي الأحرار..
لقد نشأت في الغرب.. ولم أنشأ في مجتمع تعود على القيم والمبادئ الإسلامية.. لكنني تعلمت الكثير من الإمام الحسين.. كان ينتابني شوق كبير لمدينة الحسين وما عرفته هو أن الإمام الحسين خلق للبشرية عامة دون تمييز..
ونبقى مستمعينا الأحبة مع إختنا الهولندية(آنا ساخت) وهي تحدثنا عن تجربتها مع الهداية التي حصلت عليها من سيد الشهداء(عليه السلام) تقول: أعتقد أن الذي يستطيع أن يبكي الإمام الحسين في قلبه أو بجوارحه، سواء أكان في دار العبادة أو في بيته أو في مكان آخر..

فهو يستطيع أن يشعر بما قدمه الإمام الحسين(عليه السلام) للبشرية جمعاء من قيم ومبادئ تستحق أن نقدم لها الغالي والنفيس.. إن الشعائر الحسينية شعائر جميلة، إنها طقوس روحانية وإحتفاء جميل بحق الحسين(عليه السلام) وها نحن نصل، ايها الأخوة والأخوات، الى ختام حلقة أخرى من برنامج(بالحسين اهتديت) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران شكرا لكم ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة