بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .. نواصل الحديث أيها الأحبة في الأية المئة والثالثة والعشرين حتى المئة والثانية والثلاثين من سورة الصافات المباركة؛ فلنشنف الأسماع بتلاوة زاكية للايات 123 حتى 126 من هذه السورة المباركة:
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٢٣﴾
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٢٤﴾
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ﴿١٢٥﴾
اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٢٦﴾
بعد أن استعرضت الحلقة السابقة ما جرى للنبي إبراهيم وموسى (عليهما السلام) تنتقل هذه الايات لتشير إلى النبي إلياس (ع)و هي تخاطب النبي محمدا (ص) بأن يستذكر إلياس عندما أنذر قومه من الشرك واجتناب عبادة الأصنام والذي كان يسمى "بعلا".
كما دعاهم إلياس إلى التقوى وعبادة الله تعالى أحسن الخالقين والذي لا يوجد خالق سواه.
لقد خاطب النبي إلياس ضمير عبدة الأصنام ليثير فيهم حقيقة الانحراف الذي يعيشونه في شركهم بالله لأنهم كانوا يعبون ما ينحتونه بأيديهم و في الوقت نفسه تركوا الله خالق السموات والأرضين والذي خلقهم وخلق أبائهم من قبل . فكيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يتوجهوا إلى عبادة الأصنام بدل أن يعبدوا الله تعالى ؟إنه لا تبرير لهم سوى أنهم وجدوا آبائهم على هذا المنوال فساروا على نهجهم .
و إلى بعض من تعاليم هذه الايات:
- إن رسالة جميع لانبياء هي الدعوة إلى عبادة الله و نفي الشرك به.
- دعوة الناس إلى التقوى وترك المحرمات تتصدر قائمة اهتمامات الأنبياء (ع).
- يسعى الانبياء إلى إيقاظ ضمائر الناس من خلال الأسألة القابلة للفهم و إجراء المقارنة بين الأصنام والخالق القادر المتعال.
أيها الأكارم نستمع الان إلى تلاوة الآيات 127 حتى 129 من سورة الصافات المباركة:
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴿١٢٧﴾
إِلَّا عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿١٢٨﴾
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴿١٢٩﴾
كعادة الكثير من الأمم فإن الأغلبية من قوم إلياس كذبوا دعوته و لم يرضخوا لمواعظه ولم يطيعوا أمره في ترك الشرك وعبادة الله تعالى.و هذا الرفض كان قد استتبع غرقهم في مختلف صنوف الاثام والقبائح و بالتالي تلقي العذاب الأليم .وأما من آمن منهم بالله وبرسالة النبي إلياس حظي بالفوز والخلاص. وإحياءً لذكر إلياس فقد جعل الله اسم هذا النبي خالدا طوال التاريخ إلى يوم يبعثون.
و إلى بعض من تعاليم هذه الايات:
- ليست الحياة المادية معيارا لسعادة الإنسان بل المعيار هو الخاتمة التي تتحدد في القيامة .
- إن خلاص الإنسان رهن بأن يكون مخلصا في عبادة الله وجميع أعماله .
- كل ما علمه الإنسان لغير الله يتحول إلى عقبة تحول دونه ودون تكامله .
مستمعينا الكرام نستمع الان إلى تلاوة الايات 130 حتى 132 من سورة الصافات المباركة:
سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ﴿١٣٠﴾
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣١﴾
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٣٢﴾
بعد أن أشار القران إلى مصير النبي إلياس(ع) أثنى الله سبحانه وتعالى عليه وبعث بتحيّاته إليه.
إن إستخدام كلمة (الياسين) بدلا عن (الياس) إمّا لكونها من الناحية اللغوية لفظاً لـ (إلياس) واللتين لهما نفس المعنى، أو أنّها إشارة إلى (إلياس) وأتباعه المؤمنين، فوردت بصورة الجمع.
ثم يشير القران إلى الجزاء الذي يقدم للمحسنين و"الإحسان" هنا شمل، معنىً واسعاً وهو العمل بكلّ السنن والأوامر، ومن ثمّ الجهاد ضدّ كافّة أشكال الشرك والإنحراف والذنوب والفساد.و كان هذا الإحسان نابعا من العمق الإيماني الذي امتلكه إلياس و هو يؤدّي إلى انضمام المحسن لصفوف المخلصين الذين يشملهم سلام الله.
ترشدنا الايات إلى تعاليم منها:
- لا تتوقف العناية واللطف الإلهي بحق المحسنين المؤمنين لأن ذلك من السنن الإلهية.
- إن سلام الله وتحياته تتوالى دوما على كل من أحسن إلى الاخرين و هو مؤمن .
بهذا انتهت حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة شكرا لحسن تواصلكم و جميل اصغائكم والى اللقاء.