البث المباشر

تفسير موجز للآية الأخيرة من سورة فاطر

الإثنين 13 إبريل 2020 - 18:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 800

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنتأمل في الآية الأخيرة من سورة فاطر و هي 45 فلنستمع سوية إلى تلاوتها:

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴿٤٥﴾

بعد أن تطرقت الأيات السابقة إلى التهديدات الشديدة للكفار و المجرمين تنتهي هذه السورة ببيان اللطف والرحمة الإلهيّة بالبشر، تماماً كما افتتحت السورة بذكر الرحمة الالهية للناس. وعليه فإنّ البدء والختام متّفقان ومنسجمان في توضيح رحمة الله. إضافة إلى ذلك ، فإنّ الآية السابقة التي كانت تهدّد المجرمين الكفّار بمصير الأقوام الغابرين، تطرح كذلك السؤال التالي، وهو إذا كانت السنّة الإلهية ثابتة على جميع الطغاة والعاصين، فلماذا لا يُعاقب مشركو مكّة؟! وتجيب عن السؤال قائلة: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا) ولا يمنحهم فرصة لإصلاح أنفسهم والتفكّر في مصيرهم وتهذيب أخلاقهم (ما ترك على ظهرها من دابّة).

أجل .. لو أراد الله مؤاخذتهم على ذنوبهم لأنزل عليهم عقوبات متتالية، صواعق، وزلازل، وعواصف ، فيدمّر المجرمين ولا يبقى لهم أثراً للحياة على هذه الأرض. (ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى) ويعطيهم فرصة للتوبة وإصلاح النفس.

هذا الحلم والإمهال الإلهي له أبعاد وحسابات خاصّة، فهو إمهال إلى أن يحلّ أجلهم (فإذا جاء أجلهم فإنّ الله كان بعباده بصيراً) فانّه تعالى يرى أعمالهم ومطّلع على نيّاتهم.

نستلهم من الاية دروسا منها :

  • إن الذنوب التي يعاقب عليها الإنسان هي التي كانت عن علم وعمد .
  • أحد أسباب تأجيل العقوبة إلى الآخرة هو ليدوم النسل البشري فلو تقرر أن يعاقب الناس في الدنيا لانقرضت البشرية من وجه الأرض .
  • إن لله صبرا جميلا فهو أهل العفو و الإمهال . فهو لا يعاقب المسيئ فورا بل يمهله لعله يعود إلى رشده و يكون من المصلحين .
  • ليس إمهال الله لعباده إهمالا ، بل تأخير مجازاتهم إلى القيام سنة من السنن الإلهية .
  • إن الموت والفرص والإمهال كلها تجري بإرادة الله وفقا للتدبير الإلهي .
  • إن إمهال الله لعباده فعل يصدر عن علم وبصيرة فالملايين من الناس وفقوا للتوبة بعد ارتكاب الذنوب وأصلحوا ما فعلوه ، فلو أن الله أهلكهم فور ارتكابهم للذنوب لكانوا جميعا من أهل النار .

 

وأخيراً نختم هذا اللقاء بالحديث الوارد عن الرّسول الأكرم (ص)حيث يقول: "سبق العلم، وجفّ القلم، ومضى القضاء، وتمّ القدر بتحقيق الكتاب وتصديق الرسل، وبالسعادة من الله لمن آمن واتّقى، وبالشقاء لمن كذّب وكفر، وبالولاية من الله عزّوجلّ للمؤمنين، وبالبراءة منه للمشركين" ثمّْ قال: "إنّ الله عزّوجلّ يقول: ياابن آدم، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، وبقوّتي وعصمتي وعافيتي أدّيت إليّ فرائضي، وأنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بذنبك منّي، الخير منّي إليك واصل بما أوليتك به، والشرّ منك إليك بما جنيت جزاء، وبكثير من تسلّطي لك إنطويت على طاعتي، وبسوء ظنّك بي قنطت من رحمتي، تلي الحمد والحجّة عليك بالبيان، ولي السبيل عليك بالعصيان، ولك الجزاء الحسن عندي بالإحسان. لم أدع تحذيرك ولم آخذك عند غرّتك، وهو قوله عزّوجلّ: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة) لم اُكلّفك فوق طاقتك، ولم اُحمّلك من الأمانة إلاّ ما قرّرت بها على نفسك، ورضيت لنفسي منك ما رضيت به لنفسك منّي، ثمّ قال عزّوجلّ: (ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى فإذا جاء أجلهم فإنّ الله كان بعباده بصيراً).

 

على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى ومواصلة الحديث في هذه السورة المباركة نترككم في رعاية الله وحفظه ونسألكم الدعاء .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة