بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على محمد خير خلق الله وآله الطيبين الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مستمعينا الكرام و أهلا بكم إلى حلقة أخرى من نهج الحياة لنواصل التأمل عند الايتين 49 و50 من سورة الأحزاب المباركة . بداية نصغي إلى تلاوة الأية 49 من سورة الاحزاب:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴿٤٩﴾
هذه الآية توجّه خطابها إلى كلّ المؤمنين و هي تبيّن حكماً إستثنائياً من حكم عدّة النساء المطلّقات، وهو أنّ الطلاق، إن وقع قبل االزواج فلا تلزم العدّة . و يستفاد من تعبير (لكم) وكذلك جملة (تعتدونها) أنّ إنتظار عدّة المرأة يعتبر حقّاً للرجل، ويجب أن يكون هكذا، لأنّه من الممكن أن تكون المرأة حاملا في الواقع، وتركها العدّة وزواجها برجل آخر يجعل حال الولد غير معلوم، ويؤدّي إلى ضياع حقّ الرجل إضافةً إلى أنّ انتظار العدّة يمنح الرجل والمرأة فرصة لتجديد النظر والرجوع إلى بعضهما، فقد يقع الطلاق نتيجة إنفعالات شديدة، ومثل هذه الفرصة والتفكير حقّ للرجل والمرأة معاً.
ثمّ تتطرّق الآية إلى حكم آخر من أحكام النساء اللاتي يطلقن قبل الزواج - والذي سبقت الإشارة إليه في سورة البقرة أيضاً - فتقول: (فمتّعوهنّ)أي اعطوهنّ هدية مناسبة.
ولا شكّ أنّ تقديم هديّة مناسبة إلى المرأة يكون مفضلا في حالة عدم تعيين المهر من قبل، كما جاء في الآية (236) من سورة البقرة (لا جناح عليكم إن طلّقتم النساء ما لم تمسّوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة ومتّعوهنّ).
تدلنا الأية المباركة إلى تعاليم منها:
- إن الإسلام دين شامل وكامل ويحمل تعاليم وتوصيات للقضايا الأسرية والأخلاقية .
- إن للطلاق آثارا سلبية كبيرة على معنويات الزوجة و يجب التعويض نوعا ما عن تلك الأثار السيئة عبر تسليمها لنصف المهر.
- إن الأخلاق القرانية تعلمنا الابتعاد عن حالات الغضب والعنف بين الزوجين حتى في مواقف مثل الطلاق فكيف بالنسبة إلى العيش سويا في العش الزوجي.
والان إلى تلاوة الأية 50 من سورة الاحزاب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٥٠﴾
هذه الاية تحدد للنبي الأكرم مصاديق الفتيات والنساء التي يجوز الاقتران بهن إضافة إلى مورد يخص النبي (ص) دون سائر المؤمنين . فالاية تشرع الزواج من بنات العم والعمة والخالة والخال والنساء المؤمنات مع تحديد المهر الذي يعد من واجبات العقد الشرعي ويقدم للمرأة حين العقد او يتعهد الزوج تقديمه لاحقا .ثم تشير هذه الأية إلى مورد يخص النبي الأكرم" وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي و المقصود هو من دون مهر،هذا فيما لو أراد النّبي أن يستنكحها . إنّ هذا الحكم خاص للنبي (ص) ولا يشمل سائر المؤمنين والهدف من هذا الحكم هورفع بعض المشاكل والصعوبات من كاهل النّبي (ص).وهو تعبير لطيف يبيّن أنّ زواج النّبي (ص) من عدّة نساء كان لحلّ سلسلة من المشاكل الإجتماعية والسياسية في حياته، لأنّا نعلم أنّ النّبي (ص)كان وحيداً حينما رفع نداء الإسلام واعلن شعارالتوحيد ، ولم يؤمن به بعد مدّة طويلة سوى عدد قلائل ، فإنّه ثار ضدّ كلّ معتقدات عصره وبيئته الخرافية و الجاهلية ، وأعلن الحرب ضدّ ها ، فمن البديهي أن تتّحد كلّ الأقوام والقبائل ضدّه.
نستلهم من الاية دروسا منها:
- إن الزواج المشروع أمر يحدده الله تعالى ضمن أطر وقوانين لا يكفي رضى الطرفين في هذا المجال .
- إن الزواج حاجة فطرية للجميع ولا يجوز حرمان الناس من هذا الحق الفطري حتى وإن كان أسيرا حربيا .
- لقد جعل الاسلام المهر حقا للمرأة لتكفل لها حقوقها المالية .
ايها الاكارم هكذا تنتهي حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة نلقاكم مجددا باذن الله تعالى . حتى ذلك الحين نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.