بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين..
حضرات المستمعين الكرام السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة).
أعزاءنا، في هذه الحلقة تفسير للآيات من 110 الى 115 من سورة الشعراء ونبدأ بالآيتين الـ 110 والـ 111
فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١١٠﴾
قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴿١١١﴾
هذه الآيات الكرمية تحدثنا أن النبي نوح (ع) واداءاً لرسالته السماوية كان يدعو قومه على الدوام الى ملازمة التقوى والإبتعاد عن الإثم، لكن قوم نوح لم يؤمنوا به إلا القليل منهم وقالوا له أن من آمن بك هم الفقراء ولا ينبغي لنا نحن الأثرياء أن نتساوى مع هؤلاء.
والواقع أن هؤلاء المستكبرين كانت معاييرهم مادية تؤشر على الجاه والثراء ليس إلا، في حين أن المعيار الحقيقي الذي يقاس به كمال الإنسان هو دينه وتقواه لا ماله وثروته فالمقربون عند الله هم المتقون الأثرياء معنوياً لا الأثرياء مادياً.
ويستفاد من هذا النص ما يلي:
- إن للجاه والثروة آفات منها الغرور والتكبر واحتقار الناس الفقراء والضعفاء.
- إن الحق والحقيقة شيئان قائمان بذاتهما وليس من المعقول رفضهما لأن الفقراء أو الجماعة الفلانية تلتزم بهما.
- الناس سواسية في منهج الأنبياء (ع) لا فرق لأحد على أحد إلا بالتقوى.
ويقول تعالى في الآيتين 112 و 113 من سورة الشعراء المباركة:
قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١١٢﴾
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ ﴿١١٣﴾
إن نوح (ع) أعلم قومه أن رسالته رسالة التوحيد وأن الإيمان بها إيمان طوعي لا إجبار فيه.
وفي منهج الأنبياء ليس المهم كيف عاش الشخص وكيف كانت سلوكياته السابقة، المهم في هذا المنهج الإلهي الإيمان والتخلص من براثن الكفر.
إن الشخص أياً كان ومهما كان إن آمن فلا داعي لنبش ما فيه وأي دين كان لا يبيح كشف أسرار الناس والملاك والمعيار هو ظاهر الأمر.
ومما يفيدنا النص ما يلي:
- إن علم الأنبياء (ع) بأحوال الناس يأتي بأمر الله إذ ليس للأنبياء (ع) أن يعلموا الغيب إلا بإذنه تعالى شأنه.
- إن الله هو الذي يحاسب عباده وكل مسؤول عن عمله.
ولنستمع الى تلاوة الآيتين الـ 114 والـ 115 من سورة الشعراء المباركة حيث يقول عز من قائل:
وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٤﴾
إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿١١٥﴾
لقد اشترط الأثرياء على نوح أن يبعد عنه الفقراء والضعفاء حتى يؤمنوا به، والحق أن هذا الشرط ذريعة وحجة للهروب من قبول الدعوة الإلهية ولو كان نوح (ع) حقق لهم شرطهم لا تواله بذريعة أخرى فهم في قولهم لم يكونوا صادقين ورفض نوح هذا الطلب من أثرياء قومه وقال ان واجبي هو الإرشاد والهداية لأي كان وبيان الحق والحقيقة.
وأعلمهم نوح (ع) انه لا يريد مالاً ولا ثروة ولا يريد جاهاً ولا شهرة.
والملفت للنظر لمن قرأ آيات القرآن الكريم إن هذه الذريعة تذرع بها أناس آخرون في زمن أنبياء آخرين.
ورفض كل الرسل والأنبياء (ع) هذه الرؤية الطبقية لأن رسالتهم ليست رسالة فئوية إنها في كل زمان ومكان رسالة السماء للناس جمعاء.
والدروس التي نأخذها من النص المفسر هي:
- لابد من الوقوف بحزم أمام التوقعات غير المنطقية خاصة التي تضر بالمؤمنين.
- إن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن في إيمانه وتقواه لا بمكانته الإجتماعية وثروته.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) البرنامج الذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
نأمل أن نلتقيكم في الحلقة القادمة وتفسير موجز لآيات أخرى من سورة الشعراء.
الى اللقاء والسلام خير ختام.