بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على نبينا محمد وأهل بيته الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الكرام وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
آيات أخرى نفسرها لكم بإيجاز في هذه الحلقة وهي من سورة الشعراء المباركة ونبدأ بالآيتين 83و84 من هذه السورة.
نستمع معاً الى تلاوتها:
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿٨٣﴾
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴿٨٤﴾
حضرات المستمعين خلق الله تعالى هذا الكون الواسع وخلق الإنسان وجعله في الأرض خليفته وأرسل الرسل والأنبياء (ع) لإرشاده وهدايته.
ومن اولئك السفراء الربانيين إبراهيم (ع) الذي دعا قومه الى عقيدة التوحيد وجاءت دعوته المقدسة، بالحكمة والموعظة الحسنة، إذ بين (ع) لقومه أن أصنامهم لا نفع فيها ولا ضرر وأن الذي جدير بالعبودية هو رب الأرباب الله جل شأنه.
وفي هاتين الآيتين وآيات أخرى من بعدها يخاطب سيدنا إبراهيم (ع) الله تعالى بكلمة رب أو ربي.
هذا الخطاب فيه من الدلالة على القلاقة الوثيقة بين الخالق والمخلوق أو بين الله والإنسان.
وفي علاقة إبراهيم (ع) بربه تتجلى المحبة والعشق بين العابد والمعبود.
ويطلب إبراهيم العبد الذي أفحم قلبه بالإيمان بالله يطلب من ربه أن يهبه الحكمة وهي حقائق الأشياء كما يطلب هذا النبي من ربه أن يلحقه بالصالحين في أداء كل عمل حسن.
إن النبي المتصل بوحي السماء إنما يريد العلم والحكمة كي ينال المراتب المعنوية العالية.
وإضافة الى الحكمة والإلتحاق بالصالحين في طريق الخيرة، يطلب إبراهيم (ع) من ربه أن يجعل دعوته دائمة متواصلة لأنها دعوة الخير والرشاد والفلاح والنجاح.
إن ما يريده إبراهيم هو استمرار منهج التوحيد الى الأبد ليبقى للعالمين مناراً ومنهج يدلهم على الحق ويعرفهم بالصواب ويأخذ بأيدي الناس الى رحاب النور الإلهي الأقدس.
ومما يستفاد من النص المفسر ما يلي:
- على الإنسان أن يطلب العون من الله في كل أعماله وصولاً الى سامي المراتب المعنوية.
- العلم والحكمة موهبتان إلهيتان يفيض بهما رب العالمين على القلوب الطاهرة.
- إن مقدمة كل عما صائب الرؤية الصائبة والفكر الصائب.
- أعلى درجات السعادة في الدارين يصل إليها الإنسان حين يؤتى الحكمة ويكون مع الصالحين.
مستمرون معكم في برنامج نهج الحياة من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، من بعد فاصل عودة الى رحاب سورة الشعراء.
حضرات المستمعين، يقول تعالى في الآيتين 85 و 86 من سورة الشعراء:
وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴿٨٥﴾
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٨٦﴾
نعم، بعد الحكمة ومصاحبة الصالحين والدعاء بديمومة نهج التوحيد، يرفع إبراهيم (ع) يديه بالدعاء الى الله أن يجعل عاقبة أمره الى خير. والله جل شأنه جعل الجنة ميعاد المؤمنين يوم القيامة ومحل إقامتهم في حياتهم الأخروية الخالدة.
كما طلب إبراهيم من ربه أن يغفر لأبيه آزر والحقيقة أن آزر ما كان لإبراهيم أباً بل مربياً وقيماً، إلا أن آزر مات دون أن يؤمن.
ونرى ما في النص من دروس فهي:
- إن نعم الجنة جزيله لا تقاس بها صالحات أعمال المؤمنين، لكن الله ذوالفضل على العالمين.
- إن من سيرة العباد الصالحين والرسل الربانيين، الدعاء للأهل والأقارب.
ولنستمع الى تلاوة الآيات 87 الى 89 من سورة الشعراء:
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾
يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾
إن آخر دعاء لسيدنا إبراهيم (ع) في حضرة الرب الجليل، طلب التوفيق في أداء رسالته التوحيدية، ويطلب إبراهيم من ربه أن يوفقه في دينه لكي يفد عليه يقلب سليم.
وهذه الدعوة لابد أن تكون دعوة كل الناس لأن ما ينفع الإنسان يوم الحساب عمله الصالح؛ إنه لا ينفع فيه مال ولا بنون يوم يفر فيه المرء من أن أمه وأبيه وصاحبته وبنيه. ففي ذلك اليوم لكل أمرئ شأن يغنيه.
وحال الكافرين في يوم الجزاء حال عصيب حيث يقول الكافر فيه [يا ليتني كنت ترابا].
حضرات المستمعين في الآيات التي فسرنا دروس كثيرة نذكر منها:
- لا ينبغي أن يغتر المؤمن بعمله ولابد أن يسعى لأداء مسؤوليته طالباً من الله التوفيق ليكون يوم القيامة قرير العين.
- على الإنسان أن يتفادى كل سبب يؤدي الى خسارته وذلته في الآخرة. عليه أن يعمل على الوصول الى النجاح والفلاح الحقيقي.
- في يوم الحساب لا ينفع مال ولا بنون، بل ينفع العمل الصالح والقلب السليم.
حضرات المستمعين الأفاضل، وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
الى اللقاء والسلام خير ختام.