بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
حضرات المستمعين، السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة وكنا وعدناكم بتفسير آيات أخرى من سورة الشعراء المباركة فلنستمع معاً الى تلاوة الآيات من 53 حتى 56 ومن بعد التلاوة اليكم التفسير آت..
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿٥٣﴾
إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ﴿٥٤﴾
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ﴿٥٥﴾
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴿٥٦﴾
مر علينا في الحلقة الماضية أن الله تبارك شأنه أوحى الى نبيه موسى (ع) أن يهاجر من أرض مصر وبنواسرائيل معه، تحريراً لهم من طغيان فرعون.
وأعلم موسى (ع) قومه الذين اجتمعوا من أجراء مصر وانضموا تحت لواء نبي الله في هجرته الى الله تخلصاً من الطاغية فرعون عدو الله.ولم يخف هذا الأمر على فرعون الذي عبأ طاقاته لمواجهة هذه الحركة واستخدم حربة الإعلام المضلل مروجاً لإدعاء ان موسى (ع) وبني اسرائيل ليس لهم قدرة الخروج عن حكمه.
لقد جاء هذا الإجراء الفرعوني لهدفين: الأول بعث المعنويات في نفوس أتباع الحكم والثاني إضافة وتهديد الناس؛ لصدهم عن اتباع موسى – عليه السلام –.
وبعد هذا فإن مما يستفاد من هذا النص ما يلي:
- إن الإعلام الطاغوتي هو إعلام مضلل ويعرض الأمور على غير ما هي عليه.
- رغم ما تفعله الأنظمة الطاغوتية وما تبعه من سياسات فإن الناس يزدادون نفرة منها من يوم لآخر.
ولنستمع – حضرات المستمعين – الى تلاوة آيات أخرى هي الآيات 57 حتى 59 من سورة الشعراء المباركة:
فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٥٧﴾
وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴿٥٨﴾
كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿٥٩﴾
تصور لنا هذه الآيات المباركات مشهد الصراع بين الحق والباطل والمواجهة بين الخط النبوي والخط الفرعوني ذلك ان نتيجة هذا الصراع كانت سقوط الحكم الفرعوني المتجبر وتهاوي العرش الطاغوتي وتحرر بني اسرائيل من ربقة العبودية لفرعون.
وشاءت القدرة الإلهية ان يمسك الضعفاء من الناس الذين أذلهم فرعون خيوط الحكم ويديرون دفة البلاد.
أما الدروس المأخوذة من هذا النص فهي ثلاثة وكما يلي:
- الظلم مفتاح زوال الأنظمة الطاغوتية، ذلك أن مثل هذه الأنظمة لا تدوم، فالحكم لا يدوم مع الظلم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
- من سنن الله في خلقه، استخلاف المستضعفين بعد القضاء على المستطبرين [ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض فنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين].
- إن الثروة من مصادر القوة لكن إن أساء صاحبها استعمالها صارت وبالاً عليه.
وآخر آيات نفسرها في هذه الحلقة هي الآيات 60 الى 62 من سورة الشعراء المباركة:
فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ﴿٦٠﴾
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴿٦١﴾
قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴿٦٢﴾
بأمر الله تعالى شأنه تحرك موسى (ع) وبنواسرائيل ليلاً صوب نهر النيل، وعند الصباح توجه جيش فرعون لملاحقة بني اسرائيل بخيول سريعة أوصلت جنود الطاغية بسرعة الى حيث كان موسى (ع) وبني اسرائيل.
وعلى الظاهر فإن جيش فرعون حاصر موسى (ع) وبني اسرائيل، والذي حدث أن بني اسرائيل عاتبوا موسى (ع) وداخلهم اليأس من النجاة، لكن نبي الله موسى (ع) كان على ثقة كبيرة من أن الله ناصره فبشر بني اسرائيل بأن الله سينجيهم.
وأما ما نأخذه من دروس هنا فهي:
- من كان مع الله كان الله معه وان على الإنسان المؤمن أن لا يجعل اليأس يتسرب الى نفسه، أليس الله بكاف عبده وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
- ما أجدر بالإنسان أن يكون على الدوام ناظراً الى باب رحمة الله ورضوانه، فهو تعالى شأنه مبير الظالمين ونصير المظلومين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل قلوبنا بالإيمان عامرة دوماً إنه نعم المولى ونعم النصير.
حضرات المستمعين الأفاضل نأمل أن نلتقيكم في حبثة أخرى من برنامج نهج الحياة حيث نعيش في دقائقها أجواء القدس الإلهي أجواء القرآن، خير البيان.
الى اللقاء والسلام خير ختام.