بسم الله الرحمن الرحيم احمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
مستمعينا الكرام، السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامج نهج الحياة.
لازلنا وإياكم في رحاب سورة الشعراء المباركة وقد أكملنا تفسير 48 آية منها واليوم نقدم تفسيراً موجزاً لآيات أخرى. نبدأ بالآية التاسعة والأربعين التي نستمع الى تلاوتها أولاً:
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٩﴾
بينت الآيات السابقة لهذه الآية أن نبي الله موسى (ع) دعا فرعون الى التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد؛ وأظهر له الآيات الدالة على صدق دعوته، لكن الطاغية رفض هذه الدعوة الإلهية واتهم موسى (ع) بالسحر وجمع السحرة من أصقاع مصر ليروا موسى (ع) أن سحرهم هو الغالب.
واجتمع الناس وألقى السحرة عصيهم وسحروا أعين الناس فخيل لهم أنها أفاعي تسعى وألقى موسى (ع) عصاه فإذا هي تصير ثعباناً كبيراً التهم عصي السحرة فأيقن هؤلاء أن عمل موسى (ع) ليس فيه سحر بل هو معجزة إلهية، لذا آمنوا بالله تعالى وأعلنوا إيمانهم قبال كل الناس.
كان هدف فرعون من جمع السحرة، غلبة موسى (ع)، لكن الذي حدث هو فضيحة فرعون. خاف فرعون من أتي الأيام واتهم السحرة أنهم تلاميذ لموسى (ع) وأمر أن يصلبوا وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف كي لا يتجرأ أحد بعد ذلك على نبذ عبادته هو والتوجه الى عبادة الله.
ويفيدنا نص الآية ما يلي:
- ليس لنا حرية العقيدة في ظل الأنظمة الطاغوتية حيث يريد الطغاة التسلط على الناس بأي شكل كان.
- ليس لأرواح الناس قيمة عند الحكام الجبابرة الذين يبيحون إراقة دم كل من يقف بوجه طغيانهم.
ولنستمع الآن الى تلاوة الآيتين الـ 50 والـ 51 من سورة الشعراء المباركة:
قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴿٥٠﴾
إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٥١﴾
لم يخف السحرة من أمر فرعون بقتلهم. قالوا له هل تهددنا بالقتل إننا لا نهاب الموت ليكن لنا الموت فهو كفارة لذنوبنا السابقة ومن بعده يكون الوفود على الكريم المنان الذي يشملنا برحمته ورضوانه وما عند الله خير وأبقى.
والمستفاد من هاتين الآيتين:
- إن الإيمان القائم على اساس المعرفة ايمان راسخ لا تهزه الضغوط مهما كانت، إنه يهب الإنسان الشجاعة والثبات على المبادئ.
- المهم في حياة الإنسان عاقبة أمره، السحرة قضوا عمرهم في الضلال لكن قبل أن يموتوا توقدت جذوة الإيمان في نفوسهم وكانت عاقبة أمرهم الى خير؛ وعلى العكس هناك من المسلمين من يقضي عمره في الصلاة وسائر العبادات وقبل الموت يكفر ويموت كافراً ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
أيها الإخوة والأخوات آخر آية نفسرها لكم في هذه الحلقة هي الآية 52 من سورة الشعراء إليكم تلاوتها:
وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴿٥٢﴾
بعد الهزيمة التي لحقت فرعون واجتماع الناس من حول موسى (ع) مؤمنين برسالته ونبوته، قرر طاغية مصر أن يضيق على موسى وأتباعه وأوحى الله تعالى الى موسى أن يخرج بمعية بني إسرائيل من مصر الى بلاد الشام.
واستجاب بنواسرائيل لنداء موسى (ع) والتحقوا من حوله، لقد وجدوا في موسى (ع) قائداً يخلصهم من ظلم فرعون.
ولنستحضر الدروس المأخوذة من الآية 52 من سورة الشعراء فهي:
- إن لم يتمكن الإنسان من البقاء في المجتمع الفاسد عليه تركه الهجرة الى مكان آخر ولقد هاجر سيدنا محمد (ص) من مكة الى المدينة بعد أن ضاقت الأجواء في ديار بعثته وكان ان اتسعت الرحاب في ديار هجرته.
- من أهم أهداف الأنبياء (ع) تحرير الناس من سلطة الطغاة، والأنبياء (ع) في هذا الطريق القويم تحثهم الغاية الرباينة الباهرة.
حضرات المستمعين الأفاضل من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
أنتم في الحلقة القادمة إن شاء الله على موعد مع تفسير آيات أخرى من سورة الشعراء.
الى اللقاء والسلام خير ختام.