بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وأفضل السفراء المقربين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته سفن النجاة ومصابيح الهدى في الهلكات.
السلام عليكم حضرات المستمعين وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج [نهج الحياة] حيث نقدم تفسيراً موجزاً، لآيات أخرى من سورة الفرقان المباركة من الآية العاشرة حتى الآية السادسة عشرة.
ولنستمع في البداية الى تلاوة الآية العاشرة من هذه السورة:
تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا ﴿١٠﴾
مر علينا في الحلقة السابقة أن كفار مكة كانوا يتذرعون في عدم قبولهم الإسلام بقولهم للنبي (ص) ما مؤداه: إن كنت رسولاً فلم لا تملك قصراً ومالاً وثروة ولماذا تعيش كما يعيش سائر الناس؟
وتأتي هذه الآية لتدحض ذرائع الكفار هذه وتقول ان الله تعالى ان أراد جعل لنبيه فوق الذي يتصورون.
لكن حياة الأنبياء (ع) ليست كحياة الملوك ذات البذخ والترف بل هي حياة العفة والبساطة فالأنبياء (ع) بعثوا لهداية الناس ولا ينبغي أن يكون بينهم وبين الناس حواجز وأسوار.
ثم إن الأنبياء ان كانوا من أهل الثروة والمال، مال من الناس إليهم من في نفسه حب الثروة والجاه.
والرسل الكرام (ع) جاءوا لتحرير الناس من قيود الطمع والحرص وطلب المزيد من الدنيا المادية.
والدروس المأخوذة من هذه الآية هي:
- إن حياة السفراء الإلهيين حياة البساطة وعلى هذا المنهج لابد أن يسير دعاة الدين.
- إن المهم في كسب رضا الله هو العمل بأوامره ونواهيه لا فرق في هذا بين الغني والفقير.
ويقول تعالى في الآيتين الـ 11 والـ 12 من سورة الفرقان الشريفة:
بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴿١١﴾
إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴿١٢﴾
في هذا النص إشارة الى إنكار أصل أساسي من أصول الدين وهو المعاد.
والحقيقة أن مصدر الشرك هو المكابرة عن الإيمان بالخالق والمرسل من قبله يوم الجزاء. ولا ريب أن هذا الإنكار لا يدوم، ذلك أن الإنسان إن سالم فطرته، توجه بوجوده نحو عقيدة التوحيد والنبوة والمعاد.
وإن مات الكافر على كفره وشركه فانه يوم القيامة يساق الى النار المستمرة، انه يوم الحسرة على الكافر ويقول الكافر ياليتني كنت تراباً.
نعم، إن من عاند وجحد وتكبر وسار به الغرور الى الضياع في الدنيا ليس له إلا العذاب في الآخرة انه عذاب جهنم وساءت مصيراً.
ويفيدنا النص المفسر مايلي:
- إن إنكار المعاد يسوق الإنسان الى جهنم فيكون فيها خالداً.
- الكفار يسخرون من المؤمنين في الدنيا ويحقرونهم وفي القيامة يحقر الكافرين.
ويقول تعالى في الآيتين الـ 13 و14 من سورة الفرقان الكريمة:
وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴿١٣﴾
لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴿١٤﴾
إن مصير الكفار أسود يرفضه الإنسان السائر على طريق الهداية، فالناس يوم القيامة يتأملون رحمة الله ورضوانه لا غضبه وعذابه.
وكل نفس بما كسبت رهينة وما ربك بظلام للعبيد، ويا لسوء حظ الكافرين انهم لم يدخلوا أبواب الرحمة الإلهية ولم يتوبوا الى خالق البرية وهو الغفور الودود التواب الرحيم.
إنهم في يوم القيامة يصيرون وقوداً للنار ذلك بما عصوا وما كانوا يفكرون.
ويحس الكافر بضيق في جهنم لأنها بئس المأوى وبئس المهاد.
وهكذا وفي كل لحظة يتمنى الكافر وهو في جهنم الموت ليتخلص حسب ظنه من ذلك العذاب الأليم.
وإليكم الدروس المأخوذة من هذا النص فهي ثلاثة كما يلي:
- المعاد جسماني فالله تعالى يعيد الحياة الى الأجساد بعد الموت وفي يوم النشور.
- إن أهل النار يلقون فيها ولا يدخلونها راجين تحقيراً لهم وجزاءاً بما عاندوا وكفروا.
- إن الكفار يودعون النار في سلاسل وأغلال، إنهم يستغيثون فلا يغاثون.
ولنستمع الى تلاوة الآيتين الـ 15 والـ 16 من سورة الفرقان حيث يقول جل جلاله:
قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا ﴿١٥﴾
لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا ﴿١٦﴾
إن آيات القرآن الكريم قارنت في عدة مرات ما بين حياة المؤمنين والكافرين يوم القيامة وفي الآخرة.
وحث القرآن الناس على التدبر في هذه الآيات واختيار أحسن المأوى [الجنة].
أجل على الإنسان أن يبني دار آخرته فهي الدار الأبدية حتى لا يبوء بالحسرة والخسران، بل يجعل نصيبه في الفوز بجنان الرحمن.
والدروس المستفادة من النص المفسر ثلاثة هي:
- على الإنسان أن يحدد بعمله مسار حياته الأخرى، وهل المسار الى الجنة أم الى النار؟
- إن الإنسان في الجنة يحصل على كل ما يريد ويشتهي أما النار فليس فيها إلا الهوان.
- إن الله يمهل ولا يهمل وهو تعالى لا يخلف الميعاد.
غفر الله لنا ولكم وجعل الجنة مأوانا أجمعين آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج [نهج الحياة] قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.