بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين.

السلام عليكم مستمعينا الاعزاء واهلاً بكم في حلقة هذا اليوم من برنامج: نهج الحياة حيث تفسير آيات اخرى من سورة المؤمنون المباركة ونبدا بالآيتين التاسعة والتسعين والمئة من تلك السورة الشريفة:

حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾

لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٠٠﴾

تشير هاتان الآيتان الى وضع الكفار والمشركين حينما يقترب منهم الموت؛ فهم وفي تلك اللحظات الحساسة يرون المستقبل المظلم الذي ينتظرهم وهو العذاب الاليم بسبب المعاصي التي ارتكبوها والآثام التي اقترفوها. في ذلك الوقت يطلبوهم من الله القديران يعيدهم الى الدنيا ليعملوا صالحاً؛ والحق ان هولاء الكفار في طلبهم هذا كاذبون، فلو اعادهم لضيّعوا عمرهم الجديد مثلما ضيعوا الفرص الثمينة التي كانت موجودة امامهم من قبل.

وفي هذا النص كما مر عليكم ايها الكرام اشارة الى عالم البرزخ وهو الحد الفاصل ما بين الدنيا والآخرة، والقرآن الكريم يقول: ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون.

ويستفاد من آيات القرآن الحميد والاحاديث الشريفة ان في الحياة البرزخية تتجلى مظاهر من الحياة الآخرة بنعيمها للمؤمنين وبعذابها للكافرين، وقد ورد في الاحاديث: ان القبر حفرة من حفر النيران او روضة من رياض الجنة.

والمستفاد ومن النص المفسر:

• على الانسان أن يستثمر المتاح من الفرص فالزمن لايعود ابداً والندم لاجدوى منه.
• ان زاد الحياة الكريمة في البرزخ والآخرة هو صالح الاعمال وكما قال امير المؤمنين عليه السلام فيما ينسب له:

يامن بدنياه اشتغل قدعزه طول الامل

الموت ياتي بغتة والقبر صندوق العمل

ويقول عز من قائل في الآية الاولى بعد المئة من سورة المؤمنون:

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴿١٠١﴾

ان الروايات والاحاديث الشريفة تبين ان النفخ في الصور يكون مرتين، مرة حينما تنتهي هذه الحياة واخرى يوم القيامة.

والصور الثاني هو المؤذن بقيام القيامة الكبرى وحضور الخلائق اجمع لدى الواحد الاحد رب العالمين.

ويوم القيامة يبعث الناس من قبورهم فهو يوم يفر المرء فيه من امه وابيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه.

والمستفاد من النص المفسر:

•  ان رضا الله تعالى شانه عنا هو الرضا الحقيقي، وان رضي الآخرون في الدنيا فلن ينفعونا في شيء يوم القيامة.
•  في يوم القيامة لا تفاخر ولا تباهي اذ لا يغيث الانسان سوى عمله.

ويقول الله الحكيم في حميد خطابه في الآيات الثانية والمئة والثالثة والمئة والرابعة والمئة من سورة المؤمنون:

فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٠٢﴾

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿١٠٣﴾

تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴿١٠٤﴾

ان الله جل شانه يبعث الموتى من قبورهم يوم القيامة للحضور في ساحة العدل الالهي.

وعمل الانسان هو الذي يحدد له طريقه اما الى الجنة واما الى النار. ويوم القيامة يعطى كل انسان كتابه، فمن اخذ كتابه بيمينه فهو من الفائزين، ومن اخذ كتابه بشماله فهو من الخاسرين.

ويوم القيامة يوم الفرحة للمؤمنين والحسرة للكافرين.

ونتعلم من نص الآيات المفسرة:

•  ان الباري تباركت اسماؤه يحاسب العباد على اعمالهم ان كانت خيراً او شرا، ويجزي ويعاقب بالعدل. وما ربك بظلام للعبيد.
•  ان الخسران الاكبر هو فقدان راس مال العمر والحياة لا الاموال والماديات.

ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا.

صدق الله العلي العظيم.

حضرات المستمعين الافاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.

اللقاء والسلام خير ختام.