بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على نبينا محمد وأهل بيته الطاهرين.
السلام عليكم حضرات المستمعين الكرام وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة.
لقد مر علينا حتى الآن تفسير 25 آية من سورة الحج المباركة وها نحن نتابع تفسير آيات أخرى منها ونبدأ بالآية السادسة والعشرين حيث يقول تعالى شأنه:
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿٢٦﴾
في الحلقة السابقة تحدثنا حول مكانة المسجد الحرام لدى المسلمين ومؤامرات الكفار للحد عن زيارة هذا المكان المقدس، وفي هذه الآية إشارة إلى تاريخ المسجد الحرام والكعبة المشرفة التي تتوسطه، وتذكر الآية أن سيدنا إبراهيم (ع) بأمر من الله تعالى جدد بناء الكعبة المكرمة وتدلنا النصوص التاريخية أن آدم أبوالبشر هو الذي بنى الكعبة على سطح الأرض، ومر الزمان واندثر البناء ولم يبق منه إلا قوائمه، هنا أمر الله تعالى إبراهيم (ع) أن يتوجه من الشام إلى الحجاز ويعيد بناء الكعبة مع ولده إسماعيل (ع) وأمر الله تعالى خليله أن يطهر بيته للطائفين والعاكفين والركع السجود.
والمستفاد من هذا النص التالي:
- من أجل دخول المشاعر المقدسة لابد من تطهير الذات من الشرك وسائر الأدران النفسية.
- إن المساجد لله تعالى وأن الوقوف على خدمتها تأسي بأنبياء الله العظام لا سيما سيدنا إبراهيم (ع).
ويقول تعالى شأنه في الآية السابعة والعشرين من سورة الحج:
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾
بعد أن تم تجديد بناء الكعبة الشريفة أوحى الله تعالى إلى إبراهيم (ع) أن يدعو الناس إلى الحج وزيارة البيت العتيق ليأتوه زرافات ووحداناً من كل فج عميق.
على أن التاريخ خير شاهد أن الكعبة كانت على الدوام محط إهتمام أتباع مختلف الأديان وحتى المشركين وقبل أن تشرق شمس الرسالة الإسلامية.
ويفيدنا نص الآية ما يلي:
- إن شد الرحال إلى البيت الحرام إستجابة لنداء أبي الأنبياء إبراهيم (ع) نداء التوحيد والملكوت عبر الزمان والمكان.
- لا ينبغي التقصير في أداء التكليف الإلهي بل يجب أداؤه في كل حال، لكن الحج كما هو واضح من نصوص الشرع الشريف واجب مشروط بالإستطاعة بدليل قوله تعالى "ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا"
ويقول تعالى في الآية الثامنة والعشرين من سورة الحج المباركة:
لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴿٢٨﴾
تشير هذه الآية إلى منافع الحج المادية والمعنوية ومن الفوائد الإجتماعية لفريضة الحج:
- توثيق أواصر الوحدة بين المسلمين في نقاط العالم المختلفة.
- التعاون المتبادل من أجل إزالة المشاكل التي تواجه المسلمين.
- السعي والمثابرة من أجل الدعوة للإسلام الحنيف.
إن الحج فرضه لتنقية النفس من آفات الكبر والغرور والأنانية وحب الدنيا وهذه من بركات الله تعالى على الإنسان كيف لا ونفسه بواسطة الحج تتطهر من الآثام التي ذكرت وغيرها.
هذا وإن الحج يهيء الأجواء لمد جسور التعاون الإقتصادي بين المسلمين إلا أنه غير مشهود كثيراً لشديد الأسف.
إن الذبح أو تقديم القرابين من مناسك الحج ويتم الذبح في منى ويوم العيد هذا في الحج الواجب لا في العمرة وكان المشركون يذكرون إسم أصنامهم حين الذبح، فجاءت هذه الآية لتأمر الحجيج بذكر اسم الله تعالى.
وأخيراً نرى الآية تأمر بإطعام الفقير من لحوم الأضاحي وفي هذا مساعدة للمعوزين والمحتاجين.
وليس ذكر إسم الله جل جلاله مختص بوقت الذبح والتضحية بل أنه لا سيما للحجاج مستحب ولقد وردت في هذا الشأن أذكار وأدعية عديدة مذكورة في مظانها.
والآن تعالوا لنستمع إلى الدروس المستقاة من هذه الآية فهي:
- إن مناسك الحج مؤتمر إسلامي كبير يعقد سنوياً لصالح المسلمين.
- إن أهم فلسفة للحج و سائر العبادات في الإسلام ذكر الله تعالى شأنه.
- ينبغي أن يكون للحج برامج إقتصادية للقضاء على الفقر في المجتمع الإسلامي.
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة الآية التاسعة والعشرين من سورة الحج:
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴿٢٩﴾
إن من مناسك الحج الحلق والتقصير وفي هذا العمل نظامة للجسد، خصوصاً وأن الإنسان في رحاب الله الطاهرة. وتحث الآية على إتيان النذور وأداءها قربة إلى الله تعالى فمن الناس من ينذر لله إن وفقه لحج بيته الحرام وعليه لابد من أداء هذا النذر بعد أن ينال الناذر حاجته.
ويفيدنا النص الشريف ما يأتي:
- إن الطهارة كما هي شرط في صحة الصلاة شرط في الحج وجزء من مناسكه وفي هذا خير دليل على اهتمام الإسلام بالنظافة والصحة.
- إن بيت الله الحرام هو لله وحده مالك السموات والأرضين وليس لأحد أن يتملكه والملك لله وحده لا شريك له.
حضرات المستمعين الأفاضل من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، وصلنا وإياكم إلى نهاية حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة.
طبتم وطابت لكم الأوقات إلى اللقاء والسلام خير ختام.