بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين مولانا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
سلام من الله عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلاً بكم في لقاء آخر من برنامج نهج الحياة، حيث نأخذكم إلى رحاب القرآن المقدسة وأجواء سورة الحج المباركة وتفسير آيات أخرى منها ونبدأ بالآيتين الثانية والثالثة عشرة من هذه السورة وهي قوله جل شأنه؛
يَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴿١٢﴾
يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴿١٣﴾
كما مر علينا في الحلقة السابقة فإن ضعيفي الإيمان يظهرون الكفر حينما تلم بهم الصعاب على أن مثل هؤلاء وشيئاً فشيئاً يبتعدون بالكامل عن أجواء الإيمان والعبودية لله ومن ثم نراهم يؤمنون بالخرافات، وعند هؤلاء تصور بأن بعض النجوم والأصنام لها دور في سعادتهم أو شقائهم.
إنهم يقبلون على هذه الأشياء التي لا تنفع ولا تضر، يطلبون منها حاجاتهم ويدعونها وهي ليست لهم مجيب.
وفي هذا العصر، وهو عصر التقدم والتكنولوجيا، نلاحظ من الناس من يربط سعادته بأشياء تافهة مثل نعل الحصان وما أشبه، وهناك من يعبد أناساً مثله، وهذه العبادة قد لا تبدو في الظاهر إلا أن إنقياد شخص إلى آخر وطاعته العمياء له شكل من أشكال العبادة الغير صحيحة بطبيعة الحال.
ويحدثنا القرآن الكريم أن فرعون كان له من يعبده وهو الذي قال [أنا ربكم الأعلى] ووقف بوجه رسالة موسى (ع)، لكن لما حل غضب الله، حل على فرعون وملائه فكان عاقبة أمرهم أن غرقوا في النيل.
والآن نرى ما نستفيده من دروس من هذا النص الشريف:
- إن الإعتقاد بتأثير غير الله تعالى في هذا الكون إعتقاد خاطئ وإنه من الشرك، فإلى الله وحده ترجع الأمور.
- على الإنسان أن يبتعد عن الذين يبعدونه عن طريق الحق.
ويقول تعالى في الآية الرابعة عشرة من سورة الحج المباركة:
إِنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴿١٤﴾
تأتي هذه الآية المباركة لتتحدث عن مصير المؤمنين في الآخرة؛ نعم.. إن الذين يحافظون على إيمانهم الراسخ في الدنيا لهم في الآخرة أجر عظيم، حيث أن الله عزوجل يفي بوعده فالله لا يخلف الميعاد، وقد وعد المؤمنين جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ويقال لهم [سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار].
والمأخوذ من نص الآية الرابعة عشرة من سورة الحج من فوائد ومعاني جليلة هي:
- بين الإيمان والعمل تلازم لا ينفك أحدهما عن الآخر ولا فائدة من إيمان بلا عمل ولا جدوى في عمل من دون إيمان؛ إن سبيل الفلاح في الدنيا وفي الآخرة هو مسايرة الإيمان للعمل حيث سار[وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون].
- إن الكافرين أولياءهم من هم على شاكلتهم والكافر لا ينفع الكافر في الدنيا ولا في الآخرة؛ فيوم القيامة ينظر المرء إلى ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً، والمؤمنون في المقابل يوم المعاد لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ويقول تعالى في الآيتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة من سورة الحج المباركة:
مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾
وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ ﴿١٦﴾
في هذا النص إشارة إلى غضب مشركي مكة لإنتشار راية الإسلام، إنهم أي كفار قريش ما كانوا يتوقعون أن الله ناصر نبيه ومظهر لدينه ولو كره المشركون، وموقف الكفار هذا ناجم عن كفرهم وحسدهم، ذلك أن الحسود لا يتحمل رؤية غيره في سبيل التعالي.
إن معارضة الرسالة الإسلامية مخالفة للحق وعناد للحقيقة، ولنقل عناد مع الحقيقة، ذلك أن النبي الأكرم (ص) جاء بآيات بينات من لدن ربه المتعال حيث أرسله الله رحمة للعالمين، مبشراً ونذيراً وهادياً إلى الله وسراجاً منيراً.
وبعد كل هذا كيف لأحد إنكار الإسلام وإذا أنكره فأنى له الهداية؛ والمستفاد من النص الآتي:
- بدلاً من العناد والغضب علينا الإستفياء بأفياء الرحمة الربانية، فذكر الله تطمئن القلوب.
- إن القرآن الكريم هو الهادي إلى سواء السبيل، إن القرآن الكريم ينير في النفوس نور الإيمان الساطع.
اللهم نور قلوبنا بنور القرآن واجعله يوم القيامة شاهداً لنا لا شاهداً علينا آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل، هكذا وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة إلى اللقاء والسلام عليكم.