شهر رجب محطة للإستعداد لشهر رمضان
أوّلاً أرى من اللازم أن ألفت نظر الإخوة والأخوات الأعزّاء، خصوصاً الشباب إلى أهمّيّة شهر رجب. لا يمكن تجاوز هذه المناسبات وهذه الخصوصيّات المرتبطة بالأيّام والشهور بسهولة. يعتبر العلماء وأهل المعنى وأهل السلوك أنّ شهر رجب هو مقدّمة لشهر رمضان. فشهرا رجب وشعبان، هما محطة من أجل أن يتمكّن الإنسان من الدخول مستعدّاً إلى شهر رمضان الذي هو شهر ضيافة الله. الاستعداد لماذا؟ في الدرجة الأولى، الاستعداد لتوجّه القلب وحضوره، أن يعتبر نفسه في محضر العلم الإلهي، في محضر الله "سبحان من أحصى كلّ شيء علمه"1 أن يعتبر جميع حالاته، حركاته، نيّاته، خواطره القلبيّة في معرض العلم الإلهي ومحضره. هذا مهمّ في الدرجة الأولى. وإذا ما حصل هذا، عندها سيزداد التفاتنا إلى أعمالنا، أحاديثنا، مخالطاتنا ومعاشراتنا، سكوتنا، كلامنا، سنلتفت إلى ما نقول، أين نسير، على ماذا نُقدم، ضدّ من نتكلّم، لمصلحة من نتكلّم. عندما يعتبر الإنسان نفسه في محضر الله، سيلتفت أكثر إلى أعماله وحركاته وتصرّفاته. إنّ أساس مشاكلنا هي بسبب غفلتنا عن تصرّفاتنا وأفعالنا. عندما يخرج الإنسان من حالة الغفلة، يلتفت إلى أنّه يُرى، يُحاسَب ﴿...إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾2 جميع تحرّكاته، أعماله في محضر الله، ويصبح يراعي حتماً. بهذه الحالة، بهذه الطهارة والنزاهة والإخلاص، يرد الإنسان شهر رمضان "اغتسل ثم امش متهاديا إلى الخرابات"*، المغتسِل يمكنه أن يرد شهر رمضان عندها سيستفيد الاستفادة القصوى في محضر الضيافة الإلهيّة. أنظروا إلى شهر رجب بهذه النظرة.
أدعية شهر رجب تعزز الارتباط بالله
عندما ينظر الإنسان في أدعية شهر رجب المأثورة عن الأئمّة عليهم السلام، يرى أنّ أكثر (مضامين) هذه الأدعية ناظرة إلى المسائل التوحيديّة، التوجّه للعظمة الإلهية، للصفات الإلهية، أن يرى الإنسان نفسه أمام هذه العظمة الإلهيّة، معرفة الطريق الواضح إلى الله، المعرفة به وتحصيل الميل والرغبة فيه. إحدى خصوصيّات أدعية شهر رجب هي: الالتفات إلى التوحيد، الالتفات إلى الله، إلى الأسماء والصفات الإلهيّة.
الاعتكاف في شهر رجب تطهير للنفوس
علينا أن نعرف قدر هذا الشهر. أوّل هذا الشهر مبارك بولادة الإمام الباقر عليه السلام، وآخره مبارك بأعظم حدث في التاريخ، أي بعثة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم. في منتصف هذا الشهر، أشاع شباب بلادنا لسنوات لهذه السُّنّة الحسنة، سنّة الاعتكاف، دخول المسجد، الصيام. واقعاً، كم هو جميل رؤية هذا المشهد الجميل والعذب، حيث الجموع الكثيرة من شبابنا، وعلى عكس السيرة المتعارفة لشباب العالم الغارق في الشهوات والأهواء النفسيّة، يصومون أيّاماً، يقصدون المساجد، يعتكفون، ويجعلون أيّامهم ولياليهم محلاً للذكر والفكر، والاستماع إلى المعارف الإلهيّة والأحكام ومذاكرة العلم الحقيقي الذي هو علم التوحيد. هذا شيء غاية في الأهميّة.