بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم الى حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، في هذه الحلقة سنبدء بتفسير سورة هود. وقد نزلت هذه السورة في آخر فترة وجود النبي (ص) في مكة. وتتناول آياتها قصة حياة الانبياء السابقين وخاصة النبي نوح (ع)، وتدعو النبي محمد (ص) واصحابه الى الصمود ازاء الذين لم يؤمنوا، والثبات على سبيل الدعوة الى الاسلام. وبعد نوح ارسل هود الى عاد ودعاهم الى التوحيد ونبذ المعاصي، وتنقل لنا الآيات 50 الى 60 مادار بينه وبين قومه وعاقبتهم.
والآن ندعوكم وانفسنا لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين الاولى والثانية من سورة هود:
الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴿١﴾
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴿٢﴾
هذه السورة مثلها مثل 28 سورة اخرى من سور القرآن الكريم تبدء بالحروف المقطعة وتوضح ان القرآن، هذه المعجزة الخالدة يتكون من نفس هذه الحروف الابجدية التي تعرفونها.
ومع ذلك لا يستطيع احد ان يأتي بسورة او آية مثل آياته.
من جهة اخرى، تهيمن على كل آيات القرآن روح التوحيد التي تجلت في مختلف آياته على شكل معارف ومواعظ واحكام.
إن آيات القرآن محكمة وثابتة ولم يطرأ عليها تغيير او تحريف ولا شك في صحتها وصدقها.
نستنتج من هاتين الآيتين:
- القرآن، كتاب الاحكام الالهية، الذي بين وعرض حقائق الكون بكل وضوح، قد وضعه الله سبحانه وتعالى على اساس حكمته وعلمه اللا متناهي.
- ان الغرض من تنزيل الكتب السماوية، ازالة الشرك ومظاهره من المجتمعات البشرية ودعوة الناس الى التوحيد.
- ان طريقة الانبياء في الدعوة الى الله هي التحذير والبشارة، او بعبارة اخرى الترغيب والترهيب او الثواب والعقاب.
والآن ايها الاخوة لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 3 و4 من سورة هود:
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴿٣﴾
إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٤﴾
بالاضافة الدعوة الى التوحيد والايمان بالله الواحد الاحد دعا الانبياء الناس الى التوبة الى الله من الذنوب والمعاصي، كي تكون سبيلاً الى نزول الرحمة الالهية عليهم.
حيث ان الايمان والتوبة لا تظهر آثارها يوم القيامة فقط، بل حتى في الدنيا ايضاً. تشمل المؤمنين رحمة من الله وفضل يتجسد في حياة طيبة ورائعة. وفي المقابل فان المعاندين الذين يصدون عن الحق ويصرون على ارتكاب الذنوب ولا يتوبون، فانهم وان كانوا مرفهين في الدنيا وسعداء في الظاهر فان لهم يوم القيامة عقاباً اليما.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- احد واجبات الانبياء هي هداية الضالين ونصح المعاندين.
- الايمان والتوبة تهيئان الارضية لحياة طيبة.
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 5 ممن سورة هود:
أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٥﴾
احد الاخطار التي تواجه المجتمع الاسلامي هو النفاق. فازدواجية القلب واللسان والاختلاف بين الكلام والعمل يجر الانسان الى وادي الضلال. تشير هذه الآية الى اولئك الذين يرتكبون اقبح الافعال في الخفاء ويكتمون كفرهم ويبغضون المؤمنين ولكنهم يظهرون المحبة في كلامهم كي يكسبوا ودّ المؤمنين. ازاء هذه التصرفات المستهجنة للمنافقين يحذرهم الله سبحانه وتعالى بأنه عليم بما يسرون وما يعلبون وما يخطر في أذهانهم وبما يكنونه في قلوبهم فعليهم ان يعلموا بان نفاقهم لن يستر حالهم على الله عزوجل.
من هذه الآية نستنتج:
- ليعلم الذين يتآمرون على الاسلام انهم لا يمكنهم ان يخفوا على الله شيئا.
- ان الله يعلم الغيب ويعلم ما يسر كل إنسان.
- اما نحن فلا سبيل لنا لمعرفة ما يدور في اذهان الناس وما يضمرونه في قلوبهم.
والآن اعزائي المستمعين وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل ان نلتقيكم في حلقة مقبلة نستودعكم الله والسلام عليكم.