إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنأتي بمشيئة تعالى على ختام تفسير سورة الأنفال.
فبادىء ذي بدء نصغي وإياكم لهذه التلاوة العطرة للآية الثالثة والسبعين من هذه السورة المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير.
أشارت الآيات السابقة من هذه السورة المباركة، لتعاليم الله وأوامر سبحانه ومناهيه في التعامل مع الكفار والمشركين.
الآية هذه تؤكد وقوع الفتنة إن لم يعمل بهذه التعاليم.
تقول الآية: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" أي: أنصار بعض.
"إلا تفعلوه" وتقديره إلا تفعلوا ما أمرتم به من التناصر والتعاون والتبرء من الكفار "تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" على المؤمنين الذين لم يهاجروا.
والفتنة هنا، تعني المحنة بالميل إلى الضلال وبالفساد الكبير ضعف الايمان.
وقيل، الفتنة هي الكفر. لأن المسلمين إذا والوهم تجرؤوا عليهم ودعوهم الى الكفر. وهذا يوجب التبرء منهم. والفساد الكبير سفك الدماء.
أفهمتنا الآية:
- وحدة جبهة الكفر وتلاحمها رغم كل الخلافات- مقابل الايمان والمسلمين- فانهم، أي: المسلمين إن يتحالفوا- فسيبتلون بالفتنة والفساد.
- عدم امهال العدو وتفويت الفرصة عليه لئلا يتجهز لمحاربة المسلمين وسفك الدماء –فانه يتحين مثل هذه الفرصةز
والآن ننصت خاشعين لهذه التلاوة العطرة للآية الرابعة والسبعين من سورة الانفعال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
والذين أمنوا من بعد وهاجروا وجهدوا في سبيل الله والذين اووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم
ثم عاد سبحانه إلى ذكر المهاجرين والأنصار ومدحهم والثناء عليهم، فقال: "والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله" أي: صدقوا الله ورسوله وهاجروا من ديارهم وأوطانهم، يعني: من مكة إلى المدينة وجاهدوا مع ذلك في إعلاء دين الله "والذين آووا ونصروا" أي: ضموهم إليهم ونصروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم "أولئك هم المؤمنون حقاً" أي: أولئك الذين حققوا ايمانهم بالهجرة والنصرة بخلاف من أقام بدار الشرك.
وانما سمي الجهاد سبيل الله لأنه الطريق إلى ثواب الله في دار كرامته.
"لهم مغفرة ورزق كريم: لا يشوبه ما ينغصه.
وقيل: الرزق الكريم ها هنا طعام الجنة لأنه لا يستحيل في أجوافهم نجوا بل يصير كالمسك ريحاً.
أفادتنا الآية:
- لا قيمة لعمل خير مهما كبر- ما لم يكن في سبيل الله ورضاه سبحانه وتعالى.
- المؤمن –ليس مصاناً من الخطيئة والخطأ والإثم- فهو فقير أبداً لمغفرة الخالق الواحد الاحد رحمته جل وعلا.
والآن نصغي بكلنا لهذه الآية وهي الأخيرة من سورة الأنفال، أي: الآية المباركة الخامسة والسبعين:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
والذين امنوا من بعد وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتب الله إن الله بكل شيء عليم.
بعد ما تبين ما للهجرة والجهاد ونصرة الدين من منزلة كبيرة واجر عظيم في المتقدم من الآيات البينات، تقول هذه الآية: "والذين آمنوا من بعد" أي: من بعد فتح مكة.
وقيل: من بعد ايمانكم.
"وهاجروا" بعد هجرتكم "وجاهدوا معكم" أيها المؤمنون "فاولئك منك" أي: مؤمنون مثلكم ومن جملتكم ، وحكمهم حكمكم في وجوب موالاتهم وموارثتهم ونصرتهم وان تأخر ايمانهم وهجرتهم "واولو الأرحام بعضهم اولى ببعض" معناه: وذوو الارحام والقرابة بعضهم أحق بميراث بعضهم من غيرهم.
وفي قوله: واولو الأرحم بعضهم اولى ببعض دلالة على أن من كان اقرب إلى الميت في النسب كان أولى بالميراث سواء كان ذا سهم او غيوذي سهم أو عصبة او غير ذي عصبة "إن الله بكل شيء عليم" ظاهر المعنى واكثر هذه السورة في قصة بدد.
أفهمتنا الآية:
- إن المجتمع الاسلامي، مجتمع رحب وان ابوابه مفتوحة امام الجميع أبداً وفيه المؤمنون السابقون واللاحقون سواسية جميعاً ويعيشون تحت مظلة قانون واحد لا غير.
- في نظام المجتمع الإسلامي –هناك توكيد لوجوب حفئ اواصر الاسرة والقرابة.
مستمعينا الكرام انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وبانتهائها نكون قد أنهينا تفسير سورة الانفال المباركة. شكراً لكم جميعاً على حسن المتابعة، نستودعكم الله والسلام عليكم.