حَتّى مَتى يَستَفِزُّني الطَمَعُ
أَلَيسَ لي بِالكَفافِ مُتَّسَعُ
ما أَفضَلَ الصَبرَ وَالقَناعَةَ لِل
ناسِ جَميعاً لَو أَنَّهُم قَنِعوا
وَأَخدَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ لِأَق
وامٍ أَراهُم في الغَيِّ قَد رَتَعوا
أَمّا المَنايا فَغَيرُ غافِلَةٍ
لِكُلِّ حَيٍّ مِن كَأسِها جُرَعُ
أَيُّ لَبيبٍ تَصفو الحَياةُ لَهُ
وَالمَوتُ وِردٌ لَهُ وَمُنتَجَعُ
الخَلقُ يَمضي يَأُمُّ بَعضُهُمُ
بَعضاً فَهُم تابِعٌ وَمُتَّبَعُ
يا نَفسُ ما لي أَراكِ آمِنَةً
حَيثُ تَكونُ الرَوعاتُ وَالفَزَعُ
ما عُدَّ لِلناسِ في تَصَرُّفِ حا
لاتِهِم مِن حَوادِثٍ تَقَعُ
لَقَد حَلَبتُ الزَمانَ أَشطُرَهُ
فَكانَ فيهِنَّ الصابُ وَالسَلَعُ
ما لي بِما قَد أَتى بِهِ فَرَحٌ
وَلا عَلى ما وَلّى بِهِ جَزَعُ
لِلَّهِ دَرُّ الدُنيا لَقَد لَعِبَت
قَبلي بِقَومٍ فَما تُرى صَنَعوا
بادوا وَوَفَّتهُمُ الأَهِلَّةُ ما
كانَ لَهُم وَالأَيّامُ وَالجُمَعُ
أَثرَوا فَلَم يُدخِلوا قُبورَهُمُ
شَيئاً مِنَ الثَروَةِ الَّتي جَمَعوا
وَكانَ ما قَدَّموا لِأَنفُسِهِم
أَعظَمَ نَفعاً مِنَ الَّذي وَدَعوا
غَداً يُنادى مَن في القُبورِ إِلى
هَولِ حِسابٍ عَلَيهِ يُجتَمَعُ
غَداً تُوَفّى النُفوسُ ما كَسَبَت
وَيَحصُدُ الزارِعونَ ما زَرَعوا
تَبارَكَ اللَهُ كَيفَ قَد لَعِبَت
بِالناسِ هَذي الأَهواءُ وَالبِدَعُ
شَتَّتَ حُبُّ الدُنيا جَماعَتَهُم
فيها فَقَد أَصبَحوا وَهُم شِيَعُ
القصيدة السابقة