سلام من الله عليكم أيها الأطائب وأهلاً بكم في رحاب الأخلاق الفاضلة التي تجلت في سيرة سيدي شباب أهل الجنة وأسوة الصالحين – عليهما السلام -.
في هذا اللقاء ننقل لكم أيها الإخوة والأخوات روايتين؛ في الأولى إشارة لطيفة إلى اقتران العطاء المعنوي بالعطاء المادي في خلق الكرم الحسني، وفي الثانية إشارة بليغة إلى أولوية الحرص على الحرمات الإلهية والدفاع عن قدسيتها في خلق الإباء الحسيني.. تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، مثلما جمع الدين الله الحق للناس سعادتي الدنيا والآخرة، كذلك جمع كرم أهل بيت النبوة وعطاؤهم عليهم السلام، للناس بين إغنائهم مادياً ومعنوياً، وهذا ما نلاحظه في الرواية التالية التي رواها الحافظ إبن عساكر من علماء الجمهور في ترجمة الإمام الحسن المجتبى – عليه السلام – من كتابه الموسوعي (تأريخ دمشق)، بسنده عن أبي هارون، قال: إنطلقنا حجاجاً فدخلنا المدينة فقلنا: لو دخلنا على إبن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم الحسن فسلمنا عليه، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة دينار، فقلنا للرسول: إنا أغنياء وليس بنا حاجة، فقال: لا تردوا عليه معروفه. فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا، فقال: لا تردوا علي معروفي فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسير أما إني مزودكم: إن الله [تبارك وتعالى] يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول: "عبادي جاؤوني شعثا تتعرضون لرحمتي فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم وشفعت محسنهم في مسيئهم" وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك.
وكما تلاحظون أحباءنا، فقد إشتمل عطاء الإمام الحسن – عليه السلام – على الإغناء المادي والروحي وإشارة ألطف في الحث على التحلي بخلق الكرم الإلهي.
أما الرواية الثانية فنختارها أيضاً من كتاب تأريخ دمشق ضمن ترجمة الإمام الحسين – عليه السلام – فقد روى الحافظ إبن عساكر بسنده عن بشر بن غالب قال: قال عبد الله بن الزبير للحسين بن علي – عليهم السلام – وقد عزم على التوجد إلى الكوفة: يا بن رسول الله أين تذهب؟ [أتذهب] إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟!
فقال له الحسين – عليه السلام -: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن يستحل بي في بيت الله الحرام،(يعني مكة المكرمة).
مستمعينا الأفاضل، وهكذا يعلمنا سيد الشهداء – عليه السلام – أن من خلق المؤمنين هو التفاني في حفظ قدسية الحرمات الإلهية، نظير بيت الله الحرام، فقد قرر – عليه السلام – الخروج إلى العراق عند بلغه إرسال الطاغية يزيد لفرقة من الجيش الأموي لقتله ولو كان متمسكاً بأستار الكعبة، فاختار التغرب لكي يكون مصرعه خارج البلد الحرام حفظاً لقدسيته.
وفي هذه الرواية إشارة ألطف إلى خلق دعوة الآخرين لحفظ المقدسات، فقد وجه كلامه إلى عبد الله الزبير الذي فضل نفسه على البيت الحرام، إذ تحصن به فجرأ عتاة بني أمية على ضرب الكعبة بالمنجنيق لقتله.
شكراً لكم مستمعينا الأطائب على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (من أخلاق السبطين) دمتم بألف خير وفي أمان الله.