بسم الله والحمد لله الذي رزقنا مودة حبيبه الأعظم ونبيه الأكرم منار صراطه الأقوم أشرف الكائنات سيدنا المصطفى الأمجد أبي القاسم محمد – صلى الله عليه وآله – ما شع نجم وأزهر فرقد.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب، طابت أوقاتكم بكل رحمة من الله وبركة... أهلاً بكم في لقاء اليوم نعطر قلوبنا فيه بعبير مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأكارم تبعاً للقرآن الكريم كلام الله الحكيم إنصبت كثير من أحاديث أهل البيت عليهم السلام على تعريف الخلق بخصال سيدهم الأتم صاحب الخلق العظيم؛ وذلك بعثاً لحبه الفطري لأن في مودته – صلى الله عليه وآله – زاد السير والسلوك الى الله الحبيب الأول والجمال المطلق تبارك وتعالى.
ولذلك فقد إمتازت المدائح النبوية التي أنشأها أدباء مدرسة الثقلين بقوة ونقاء المحبة الصادقة لسيد المرسلين – صلى الله عليه وآله الطاهرين – وهذا ما نتلمسه بكل وضوح في المديحة النبوية التي اخترناها لحلقة اليوم من برنامج مدائح الأنوار وهي من إنشاء الشاعر الولائي المبدع الأستاذ جاسم الصحيح من أعلام أدباء مدرسة الثقلين المعاصرين حفظه الله.
قال أخونا الأستاذ جاسم الصحيح في مديحته النبوية التي إخترنا لها عنوان: (روح عليين) وهو يخاطب مولاه ومولانا سيد الرسل:
تشع ذكراك حتى تمنح الفلكا
عقدا من الشهب في كف الهدى سبكا
ما عذر من لحت في ظلماء جوهره
نجما تسيل فلم يغسل بك الحلكا ؟!
يا منشأ النور في التاريخ مذ نسجت
حمامة (الغار) من أشواقها شبكا
ومنذ غار (حراء) شق عتمته
فشع من سرها ما نوّر الفلكا
أكبرت معناك أن أصطاد كوكبه ..
من ذا يمد لأفلاك السما شركا ؟!
ما زلت غرقان في نهرين من خجلٍ
غداة وجهي على أعتابك انسفكا
جاءتك قافيتي زحفا، وعاذرها
أن الحنين على أضلاعها بركا
عذر الحكاية إن تاه الحديث بها
فالذكريات أهاجت خاطري فحكى
لم تدر (آمنة) يوم استقل بها
شوط المخاض، وكل العالم ارتبكا
لم تدر: هل حملت في بطنها بشراً
أم يا ترى حملت في بطنها ملكا !!
حار المدى .. وخيوط الشمس ناعسةٌ
خلف السحائب حيث الغيب خبأكا
حتى طلعت على الدنيا فما حبكت
يد الألوهة فجرا مثلك انحبكا
ما راع شمسك إلا أن تطل على
أرض خراب، وبحر خاصم السمكا !
أتيت يا روح (عليين) فاشتعلت
في جنة الخلد حورياتها ضحكا
والأرض ألفتك في غابات وحشتها
ناياً يرتل من ألحانه نسكا
من ذا يحدك ميلاداً، وها هي ذي
أرحام كل الليالي قد حبلن بكا !
ما زلت تولد أعلى كل مئذنةٍ
صوتاً تضافر بالأوقات واشتبكا
حقول زنديك ما جفت سنابلها
في عالمٍ بات يرعى الشوك والحسكا
لم تبق في ملكوت الغيب معجزةٍ
ما توجتك على أسرارها ملكا:
كل الغمائم قد ألقت أعنتها
إلى الغمام الذي بالحب ظللكا
واهتز مليون جذعٍ لم تزل نطفاً
في الغيب ساعة ذاك الجذع حنّ لكا
وما السماوات في ليل العروج سوى
خرائط الحب قد طوفتها سككا
نشوان تسلك في المعراج مرتبةً
ما كان (جبريل) في آفاقها سلكا
(جبريلك) الشوق ما اختار (البراق) له
أهدى من الشوق في درب الهوى ملكا
يا سيدي .. كم دمٍ آخيته بدمٍ
حتى صفا هذا وذاك زكا !
وكم طريق هدى آذتك شوكته
فما شكوت ولكن الطريق شكا !
وربّ مارد وعيٍ في العقول صحا
غداة مصباحه في كفك انفركا
وناقةٍ – في سبيل الله نفرتها
قد بايعتك فسارت للردى معكا
يا سيدي .. أيما فضليك أبخسه
إن قست ما نقل (الراوي) بما تركا !!
ذوبت سكرة الإيمان في مهجٍ
تشكو المرارة من حقدٍ بها فتكا
وصنت كفيك في أسمى عفافهما
لما دعتك كنوز الأرض: هيت لكا
وما نفيرك من (بدرٍ) إلى (أحدٍ)
إلا لتحيي من الإنسان ما هلكا
يعلو بك الحق في آفاق عزته
كي تنزل الشرك من عليائه دركا
والجاهلون أرادوا الله محتكراً
فيهم، وأنت أردت الله مشتركا
وبهذا نصل مستمعينا الأطائب الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) وقد قرأنا لكم مديحة نبوية غراء أنشأها في مدح سيد المرسلين وأشرف الكائنات – صلى الله عليه وآله – أخونا الأديب الولائي المبدع الأستاذ جاسم الصحيح.
نشكركم على طيب الإصغاء ولكم أصدق الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
دمتم في أمان الله..