بسم الله وله خالص الحمد والثناء إذ هدانا للتقرب إليه باتباع صفوته النجباء سيد الأنبياء محمد المختار وآله الأطهار صلوات الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته.. أهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج نخصصه لقصيدة وجدانية مؤثرة في مدح ورثاء أبي طالب بن عبد المطلب سيد البطحاء ووالد الأئمة المحمديين الإثني عشر وحامي سيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله -.
هذه القصيدة الغراء من إنشاء أحد أدباء بلد الحرمين الشباب والمبدعين هو الأخ أديب عبد القادر أبو المكارم وقد أنشأها بمناسبة ذكرى رحيل هذا السيد الهاشمي الجليل والعبد الصالح المخلص، وهي تصادف طبقاً لبعض الروايات يوم السادس والعشرين من شهر رجب، في العام العاشر للبعثة النبوية المباركة والذي سمي في التراث الإسلامي (عام الحزن) لفقدان الإسلام والرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – إثنين من أركانه الوثيقة هما أم المؤمنين مولاتنا السيدة الطاهرة خديجة الكبرى – صلوات الله عليها – وكافل ارسول سيدنا أبي طالب عمران أو عبدمناف بن عبد المطلب – عليهما السلام -.
ومن أهم ما يميز هذه القصيدة الغراء جميل تصويرها لشديد حزن النبي الأعظم – صلى الله عليه وآله – لفقدانه عمد الوفي والمضحي في سبيل إعلاء كلمة الله عزوجل وترحمه عليه، وكذلك قوي دحضها لشبهات بني أمية التي سعت للتشكيك بإيمان أبي طالب – عليه السلام – في حين تؤكد أحاديث أهل بيت النبوة أنه من أوصياء الحنيفية الإبراهيمية – رضوان الله عليه -.
إختار الشاعر الولائي الشاب أديب عبدالقادر أبوالمكارم لقصيدته عنوان (شيخ مكة) وقال فيها:
قُمْ ليلةَ الذكرى لَهُ إِجلالا
وأفِضْ لهُ دمعَ الوفا شلاَّلا
وانشد لهُ حتى الصباحِ قصائدًا
آياتِ حُبٍّ لحنُها يتعالى
واهجرْ منامَكَ، فالعيونُ مدامعٌ
عبرى، فصَاحِ النومُ منكَ مُحالا
واسكُبْ فؤادَكَ مِلءَ أقداحِ الجوى
وأدرهُ، يُطْلعْ أنجُماً وهلالا
هيَ ليلةٌ قد عافَها خيرُ الورى
ومضى لبابِ اللهِ يشكو الحالا
قدْ هُدَّ رُكني والقوى، يا سيدي
مِنْ موتِ (عِمرانَ) الذي لك آلا
قد كانَ كهفي والملاذُ ومَنْ حمى
يا ربِّ دينَكَ حيثُ صالَ وجالا
ومضى يُقَدِّمُ، يا إلهي، وُلْدَهُ
للذَّبِّ لا ينفَكُ عنهُ نِضالا
يمشي على دربٍ تعبَّدَ باللظى
ويقولُ: حُبًّا في الإلهِ تعالى
ولأجلِ خاتَمِ رُسلِهِ خيرِ الورى
مَنْ فيهِ أنوارُ الإلهِ تلالا
مستمعينا الأفاضل، ويتابع الشاعر الولائي المبدع الأخ أديب عبدالقادر أبوالمكارم تصويره الفني البليغ لحال النبي الأكرم – صلى الله عليه وآلأه – عند فقده لركنه الوثيق ولي الله أبي طالب (ع) بعد فقده لأم المؤمنين خديجة الكبرى سلام الله عليها فيقول بلسان حال المصطفى – صلى الله عليه وآله – وهو يخاطب ربه الجليل عن إيثار عمه ومواساته له قائلاً:
ومعًا رَبَطنا البَطنَ جوعًا سيدي
ومعًا تَلَقِّينا أذىً وقِتالا
أَأُلامُ أنْ أبكي دمًا لِمصابِهِ
وأُقيمَ مأتمَ فقدِهِ أحوالا؟
فبحجمِ كُلِّ الفاجِعاتِ إخالُهُ
فقدُ النصيرِ وكُلِّها تتوالى
أ وما كفى فقدي (خديجةَ) مَنْ لها
في القلبِ عرشٌ ترتقيهِ دلالا؟
قد كانَ، يا ربِّي حِمَايَ وناصري
ويذُوذُ عني يَمنَةً وشِمالا
ربَّاهُ فارحمْهُ وعظِّمْ شأنَهُ
وانشرْ عليهِ في الحِسابِ ظِلالا
واجعلْ لهُ الجنَّاتِ أجرًا سيدي
وأ ذِقْهُ كوثَرَها المَعِينَ زُلالا
وفي القسم الثاني من قصيدته الغراء يتطرق أخونا الشاعر الولائي أديب عبد القادر أبو المكارم لدحض الشبهات التي أثارها بنو أمية الزاعمة بأن أبا طالب مات مشركاً والأحاديث التي وضعوها في ذلك فقال:
هذا هوَ الفادي الرسولِ ومَنْ لَهُ
دمعُ النُبوةِ والإمامةِ سالا
هذا أبو الأحرارِ (عمرانَ) الذي
وفَّى، وكانَ إلى التُقاةِ مِثالا
أ يُقالُ عنهُ قضى ولَمْ يؤمنْ بِمنْ
خلَقَ السماءَ وثبَّتَ الأجبالا؟
وجزاؤهُ في النارِ ضَحْضاحٌ بِهِ
تَغلي دِماهُ ويشتكي الأهوالا!
يا ليتَ شعري هل تمسُّ النارُ مَنْ
أضفى الإلهُ عليه منه جلالا!
الكاشفُ الكُرباتِ عن طه ومَنْ
فدَّاهُ عُمْرًا عِزَّةً وعيالا
فلمَنْ، إذاً، تلكَ الجِنانُ وبردُها؟
ومَنْ الحَقيقُ تَرى بذاكَ مَنالا؟
ساويتُموهُ والذي (تَبَّتْ يدا
هُ) وزِدتموهُ لعنةً ووبالا
يا ويحكمْ هذا الذي نصرَ الهُدى
ونبيَّهُ، وبِكُلِّ صِدقٍ قالا:
وَ لَقدْ عَلِمتُ بِأنَّ دِينَ مُحمَّدٍ
مِنْ خيرِ أديانِ) السماءِ كَمَالا
يا شيخَ مَكَّةَ، قدْ وَفيتَ فهذهِ
حورُ الجِنانِ سَعَتْ إليكَ وصالا
وبلغتَ أُفقَ الهديِ والتقوى فها
قدْ صِرتَ بدرًا يستَفيضُ جَمالا
وَتَزيْنُ أُفقَكَ أنجمٌ قد صِغتَها
سَيَظَلُّ فينا هديُها يتلالا
كانت هذه أيها الإخوة والأخوات قصيدة (شيخ مكة) في مدح العبد الصالح مؤمن قريش وحامي المصطفى – صلى الله عليه وآله – سيدنا أبي طالب – عليه السلام – وهي من إنشاء الأديب المبدع الأخ أديب عبدالقادر أبوالمكارم من بلد الحرمين وفقه الله لكل خير، وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.