بسم الله وله الحمد خالصاً إذ هدانا للتمسك بعروته الوثقى وحبله المتين حبيبه سيد الأولين والآخرين المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا ورحمة الله وبركاته.. أهلاً بكم ومرحباً في لقاء جديد في رحاب مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأفاضل، كمال الإرتباط الوثيق بين أهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – والقرآن الكريم هو المضمون الأساس الذي صرح به النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في حديث الثقلين المتواتر، ولذلك كان التمسك بالقرآن والعترة معاً هو السبيل الوحيد للنجاة من الضلالة بمختلف مراتبها.
وكمال إرتباط العترة المحمدية بكتاب الله المجيد إنما يعبر عن كمال إرتباطها بالله تبارك وتعالى ولذلك كانت عروته الوثقى وحبله المتين الموصل الى رضاه وقربه جل جلاله.
هذا المضمون العقائدي المهم والأساسي لكل طالب للنجاة للقصيدتين التي إخترناهما للقاء اليوم من البرنامج وهما من إنشاء الأديب اللبناني المبدع الأخ عبد الحميد محسن سليمان حفظه الله، وكلتاهما جديرة بالإستماع، تابعونا على بركة الله.
نبدأ أيها الأطائب بالقصيدة الأولى وعنوانها هو (كواكب في الظلام) وفيها يقول هذا الأديب الولائي:
أَتَسْأَلُ عَنْ كَوَاكِبَ في الظَّلاَمِ
وَأَنْوَارٍ تَشُعُّ عَلَى الدَّوَامِ
وَأَرْوَاحٍ مُطَهَّرَةٍ وَقَاهَا
وَبَرَّأَهَا الإِلَهُ مِنَ السَّقَامِ
وَأَعْظَمِ عِتْرَةٍ كَانَتْ وَدَامَتْ
وَأَوْثَقِ عُرْوَةٍ دُونَ انْفِصَامِ
وَأَكْرَمِ سَادَةٍ في الْكَوْنِ طُرّاً
وَسَادَةِ خَيْرِ سَادَاتٍ كِرَامِ
أُولَئِكَ أَهْلُ بَيْتِ الْلَّهِ حَقّاً
بِعَقْدِ وَلاَئِهِمْ كَانَ اعْتِصَامي
زِمَامُ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَدَيْهِمْ
وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ عَقْدُ الزِّمَامِ
فَدَعْني أَيُّهَا الْلاَّحي وَذَرْني
وَخَلِّ الْلَّوْمَ مَا نَفْعُ الْمَلاَمِ
سَمَاءُ بَلاَغَتي أَرْضٌ لَدَيْهِمْ
وَأَدْنَى مِنْ حَصىً تَحْتَ الرَّغَامِ
يَرَاعِيَ مُلْجَمٌ وَكَذَا لِسَاني
وَفَاهِيَ في الْمَحَابِسِ مِنْ لِجَامِ
فَلَيْسَ كَذِكْرِهِمْ في الأَرْضِ ذِكْرٌ
تَعَدَّى ذِكْرُهُمْ كُلَّ احْتِرَامِ
وَقَدْ فَاقُواْ الْمَلاَ الأَعْلَى مَقَاماً
وَقَبْلَ ظُهُورِ آدَمَ وَالأَنَامِ
فَهَلْ يَسْمُو مَديحٌ في سِوَاهُمْ
مَعَاذَ الْلَّهِ مَا بَلَغَ التَّسَامي
بِهِمْ يَسْمُو الْمَديحُ إِذَا تَسَمُّواْ
وَلاَ تَسْمُو بِغَيْرِهِمُ الأَسَامي
هُمُ أَسْبَابُ مَنْ رَامَ ارْتِقَاءً
وَهُمْ غَايَاتُ أَسْبَابِ الْغَرَامِ
هُمُ أَنْوَارُ نُورِ الْلَّهِ رَبِّي
وَسِدْرَةُ مُنْتَهَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ
هُمُ الآيَاتُ تَظْهَرُ كُلَّ عَصْرٍ
وَمِنْ آيَاتِهِمْ بَدْرُ التَّمَامِ
هُمُ الأَشْرَافُ وَالأَعْرَافُ دَهْراً
وَأَهْلُ الذِّكْرِ عَاماً بَعْدَ عَامِ
وَهُمْ أَهْلُ الْفَصَاحَةِ لاَ سِوَاهُمْ
لَدَيْهِمْ سِرُّ أَسْرَارِ الْكَلاَمِ
وَهُمْ في الْعِلْمِ أَرْبَابٌ وَرَبِّي
إِمَاماً عَنْ إِمَامٍ عَنْ إِمَامِ
وَهُمْ سِرُّ الْوُجُودِ وَمُبْتَدَاهُ
وَسِرُّ الْكَوْنِ أَسْرَارُ النِّظَامِ
سَأُحْيي ذِكْرَهُمْ عيداً وَفِطْراً
لَعَلَّ بِفِطْرِهِمْ أُنْهي صِيَامي
وَأَدْعُو الْلَّهَ أَنْ يُحْيي دُعَائي
كَمَا يُحْيي الرَّميمَ مِنَ الْعِظَامِ
أَلاَ لِلَّهِ نَشْري بَعْدَ بَعْثي
أَلاَ لِقِيَامِ قَائِمِهِمْ قِيَامي
سَلاَمُ الْلَّهِ مَوْلاَنَا عَلَيْهِمْ
وَخَيْرُ صَلاَتِهِ بَعْدَ السَّلاَمِ
عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ تُتْلَى
وَتُهْدَى في الْبِدَايَةِ وَالْخِتَامِ
أيها الإخوة والأخوات، واختار الأديب اللبناني الولائي الأخ عبد الحميد محسن سليمان لقصيدته الثانية وهي أكثر رقة عنوان (مصابيح الدجى) وقال فيها:
يَا رَبَّ صَلِّ عَلَى النَّبِي
عِطْرِ الْوُجُودِ الأَطْيَبِ
وَعَلَى ذَوِيهِ وَآلِهِ
نَهْرِ الْفُرَاتِ الأَعْذَبِ
فَهُمُ مَصَابيحُ الدُّجَى
أَنْوَارُ عَتْمِ غَيَاهِبِ
وَهُمُ الْهُدَى لاَ غَيْرُهُمْ
وَنُجُومُ هَذَا الْكَوْكَبِ
وَهُمُ الْمَحَجَّةُ إِنَّهُمْ
نَهْجُ الصِّرَاطِ الصَّائِبِ
مِفْتَاحُ بَابِ عُلُومِنَا
أَسْرَارُ كُلِّ مُحَجَّبِ
هُمْ طِبُّنَا وَدَوَاؤُنَا
وَشِفَاءُ كُلِّ مُعَذَّبِ
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمُ
عَدَدَ الْغَمَامِ الصَّيِّبِ
عَدَ الْخَلاَئِقِ كُلِّهِمْ
بَلْ ضِعْفَ مَا لَمْ يُحْسَبِ
فَالنَّفْسُ تَعْشَقُ ذِكْرَهُمْ
وَبِغَيْرِهِ لَمْ تُطْرَبِ
يَا رَبِّ وَصْلُكَ وَصْلُهُمْ
صِلْني بِخَيْرِ مَرَاتِبِ
أَنْعِمْ عَلَيَّ بِفَضْلِهِمْ
نِعَماً تُجيبُ مَطَالِبي
خَيْرُ الْمَنَابِعِ إِنَّهُمْ
في الْكَوْنِ خَيْرُ مَشَارِبِ
رُوحي فِدَا أَرْوَاحِهِمْ
وَفِدَاهُمُ أَمِّي أَبِي
فَبِحَقِّهِمْ رَبِّي أَزِلْ
عَنِّي جَميعَ مَصَائِبي
وَاسْتُرْ عُيُوباً جَمَّةً
حَجَبَتْ دُعَاءَ الطَّالِبِ
وَأَجِبْ دُعَانَا رَبَّنَا
وَأَجِبْ سُؤَالَ الرَّاغِبِ
بِجَميلِ عَفْوِكَ غَافِراً
ذَنْبي وَسُوءَ مَكَاسِبي
مَوْلاَيَ قَرِّبْني بِهِمْ
فَبِهِمْ إِلَيْكَ تَقَرُّبي
وَاكْتُبْ لَنَا بِجِوَارِهِمْ
دَارَ النَّعيمِ الأَرْحَبِ
فَبِهِمْ لِنَيْلِ شَفَاعَةٍ
تَجْري دُمُوعُ التَّائِبِ
وبهذا نصل، مستمعينا الأكارم، الى ختام حلقة أخرى من برنامج (مدائح الأنوار) خصصناها لمديحتين ولائيتين للأديب الولائي المبدع الأخ عبد الحميد محسن سليمان من لبنان، نشكركم على طيب الإصغاء ودمتم بألف خير.