بسم الله والحمد لله الذي وفقنا لأن نكون من المتقربين بمودة وموالاة واقتفاء آثار نجوم هدايته الزهر سيدهم السراج المنير والبشير النذير محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الأطياب، تحية من الله الكريم الوهاب نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم مع مدائح الأنوار وقد اخترنا لها ثلاثة مقاطع في تجليات التوحيد الخالص في السيرة العلوية من رائعة (في محراب علي) للأديب المسيحي المبدع الأستاذ خليل فرحات أحد أعلام الفكر والأدب اللبناني في القرن العشرين.
وهذه المديحة البديعة هي من روائع نتاجات الأدب الإنساني في مدح صوت العدالة الإنسانية خليفة المصطفى ووصيه – صلى الله عليه وآله – لكثرة الدروس التي يستلهمها هذا الأديب المبدع من السيرة العلوية ولذلك خصصنا لها عدة حلقات، تابعونا مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات، تحت عنوان (أبو الأنوار) يتطرق الأستاذ فرحات إلى مدح الأئمة من الذرية المحمدية العلوية قائلاً:
وإنك ذا الصلب منحدر الألى
صدقت إذا سميت بالأنجم الزهر
ميامين هذا الكون أنبل خلقه
غزاة بلاد الصبر أسطورة الصبر
إذا استشهدوا يوماً فباقون سرمدا
بقاء الأنوف الشم والوجه السمر
وإن سادة منهم إلى جلل مشوا
عنت لهم القمات كالضمر الشقر
يزلزل أهل الجور مر خيالهم
كما زلزل الشاهين مستوطن الجحر!
ولكنهم في الحلم كل سماحة
وإذ تفخر الأخلاق هم غاية الفخر
بأعماق قلب المجد شادوا منازلا
مضمخة المرقى مكوكبة الجدر
لهم وحدهم هشت بهم وحدهم
علت وهم عكف فيها على المطلب الندر
محال عبور الشمس جسر شروقهم
وهم يعبرون الضوء من غير ما جسر
يذوبون في الأنوار حتى كأنهم
خلاصة لطف الله في خالص الأجر
وما ذاك عند الله ظلماً على السوى
ولكنه بر تسلسل من بر
فيا أيها المنظور رغم احتجابه
ويا وحده المسموع من دون ما وقر
إليك أتينا نشتكي ثقل قدرنا
وأنت لها.. يا أنت يا قادر القدر
وفي المقطع الثاني عشر من قصيدة (في محراب علي) يستلهم الأستاذ خليل فرحات أسمى دروس الإخلاص التوحيدي من موقف أميرالمؤمنين – عليه السلام – الحازم والقوي في مكافحة الغلو والمغالين به فيقول تحت عنوان (عندما يستغفر الغفار):
ولما تنادى الناس بالصدق والرضى
ونادوك رب الخلق والموت والنشر
دهشت كمن يلقى الطغاة فجاءة
ونلت الألى نادوك بالغضب الجمري
وقلت هو الخلاق ربي وإنني
لعبد له وهو الولي على أمري
تعاليت في الإيضاح وازددت عزة
وما عز غير الحر في الموقف الوعر!
وكنت هنا الجبار من غير غفرة
كما كنت غفار الذنوب بلا جبر!
أيها الأعزاء وفي المقطع الثالث عشر من قصيدة الغراء يبدي هذا الأديب المسيحي عظيم إكباره للصبر الجميل الذي جلاه أميرالمؤمنين الوصي المرتضى – عليه السلام – تجاه الجفاء الذي ناله بعد وفاة أخيه وسيده الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – وكل ذلك من أجل حفظ قيم الدين الإلهي الحق، واختار الأستاذ خليل فرحات لهذا المقطع عنوان (المحبة أقوى) مشيراً إلى أن علة هذا الموقف الخالد تكمن في شدة حب المرتضى لربه الأكرم، وقبل أن نقرأ نشير إلى معاني بعض مفرداته فمعنى (نالوك بالشتر) هو، نالوك بالتنقيص والتجريح والسب، و(الرئبال) هو من أسماء الأسد الليث، قال الأديب فرحات:
أمير الملا ماذا عطفت على النلا
غداة بغاث الطير في ملعب النسر
أرادوك في الجلى لتدفع عنهم
وعند اقتضاء الحق نالوك بالشتر
وأمعن طماع وباعد كاره
وأخلف وعاد وأقصر ذو بر
وظن الألى أموا السقيفة
أنه سيلجأ رئبال الرجولة للزار
ولكن للأرحام وصلا وللعلى
خلاقا وللإسلام حقاً.. على الحر
وظل بمنأى عن غوايات سلطة
أمينا على كبر العزيمة ذو الكبر
وظل بلا حق إلى جنب ربه
وظلوا بلا رب على الجانب المرزي
أقاموا عليك الحد ظلماً فهل دروا
بأن حدوداً منك فيهم ستستشري؟
وغايتك المثلى بقاؤك هاديا
تعمر أرواح العطاش إلى العمر
نشكر لكم أيها الأكارم كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) ولكم أيضاً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات، في أمان الله.