بسم الله وله الحمد خالصاً والمجد قائماً نور الأنوار تبارك وتعالى رب العالمين.. والصلاة والسلام على مشارق نوره المبين وصفيه المبعوث رحمة للخلائق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
إن مما يميز أهل بيت الرحمة المحمدية – عليهم السلام – أن نورانيتهم تزداد توهجاً وتألقاً يوماً بعد آخر معبرةً بذلك عن الأصالة الإلهية فيهم عليهم السلام.
ففي كل يوم يتعرف المسلمون على ما قاموا به – عليهم السلام – لحفظ منارات الهداية الإلهية نقية للعالمين.
وهذا ما يصدق على مولانا الإمام الحسن المجتبى السبط المحمدي الأكبر – صلوات الله عليه – حيث خلدته مواقفه الإلهية كمصدر إلهام للمؤمنين في أشد أوضاع المحنة التي يمرون بها والفتن الفكرية والإجتماعية التي يمكن أن تنزل بالمسلمين، وهذا أيها الإخوة والأخوات، هو المحور الأساس الذي دارت عليه المديحة الحسنية التي إخترناها لهذا اللقاء وهي من إنشاء أخينا الأديب الولائي سماحة الشيخ عبد المجيد فرج الله من أدباء العراق المعاصرين تابعونا على بركة الله.
الشيخ فرج الله – حفظه الله – إختار لمديحته عنوان (مجمع النورين) وفيها يخاطب السبط الأكبر – صلوات الله عليه – قائلاً:
يا مجمع النورين يا حسن
الكون في عينيك مفتتن
عينان وادعتان في لهف
نضاختان، وفيهما سكن
تجري العوالم في جفونهما
نشوي ويبسم فيهما الوسن
يمتد في الآفاق فيضهما
مخضوضر وسميها الهتن
ليلم أشتات المنى أمل
ينهل من دمه الغد الحسن
يا من يذوب على براءته
قلب الزمان وكله حزن
أمرر على ذاك الوجيب يداً
بيضاء حانيةً ستحتضن
فلقد طمى بحر يمور أسىً
تهتاجه الأرزاء والمحن
ووراء قامات النخيل عدا
ليل فذبل طلعها الشجن
تخطف الغربان فرحتها
فكأنها من وحشة دمن
لا أهل فيها غير ناعية
ما حاط شهقة قلبها وطن
أفياء روحك في الهجير زهت
بالجنة العلياء تقترن
وعلى شفاه البحر كنت صدىً
حلواً فماذا يحمل الزمن
إني جلست على الضفاف أرى
كفيك تهمي منهما المنن
وعلى تقاسيم المياه بدا
وجه تتابع وجده الحزن
وسمعت همسك موجة تبعت
أخرى ودمعي كانت السفن
حسراتك الرخواء أسمعها
نبضاً يرقق دفقه وهن
صور.. وتاريخ جثا أسفاً
إن لم يكن بيديك يرتهن
ودماء طعنتك استوت شفةً
عتبى.. فيا لله ما طعنوا؟
وجه النهار.. وضحكة الأمل
الحاني الوديع .. فمارت السنن
وبكى عليك الورد بهجته
ونضا عليك ربيعة الفنن
فرجعت تحفظ خير ما بقيت
من أمنياتك وهي تنطحن
حتى قسا لوم.. وأوجعه
أن الهوى وعتابه الخشن
يا من أحس بذوب روحك إذ
رفع الخمول وأقصي الفطن
لتعود (لات) بعدما حطمت
فيكاد يعبد ذلك الوثن
والناس ترسف بالقيود، فما
من مسلم إلا ويمتهن
فليجرعوا صبار ما اقترفوا
وليشربوا.. فنميرهم أسن
من صم عن صوت الهدى أذناً
لابد توقر تلكم الأذن
ركنوا لليل الذل من خدر
والشمس تمقت كل من ركنوا
ولذاك قد عافت أشعتها
عمق الجحور.. فريحها نتن
يا أروع الذكر التي سلفت
يكفيك أنك سرك العلن
ما كنت إلا العدل تمطره
كل الأناس وأنت مؤتمن
الروح أنت وكل ما جمعت
أقطار أرضك من ثرى بدن
الآن نعرف أن خيبتنا
كبرى ولا يرقى بها شجن
ونظل نحن نلوك محنتنا
ويطول فينا داؤها الزمن
تنهار دون هديرها همم
ويحار في مأساتها فطن
لكننا ستظل رايتنا
عيناك مهما أظلم الزمن
وعلى سناك نجيء ألوية
يحدو بها القرآن (لا تهنوا)
كانت هذه مستمعينا الأطائب، مديحة (مجمع النورين) التي أنشأها في مدح الإمام الحسن السبط المجتبى – عليه السلام – الأديب الولائي المعاصر سماحة الشيخ عبد المجيد فرج الله وقد قرأنا لكم في حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) لكم دوماً خالص الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم ودمتم بألف خير.