بسم الله وله الحمد والثناء إذ جعلنا من أهل مودته وموالاة سيد الأنبياء وآله الرحماء صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين..
إن سمو القيم الإنسانية التي تجلت في سيرة أهل بيت النبوة – عليهم السلام – ووضوح عظيم حرصهم على صالح الخلائق وتضحيتهم من أجل ذلك، هي من العوامل التي جذبت إليهم قلوب الآخرين بمختلف مذاهبهم وأديانهم، وهذا ما نلحمه في الوضوح في الأديب اللبناني المعاصر الأستاذ جورج شكّور الأمين العام المساعد لإتحاد الأدباء والكتاب اللبنانيين.
فقد هزت هذا الأديب المسيحي الأرثودكسي تلك القيم ودفعته لأن ينشأ ثلاثة ملاحم شعرية في الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – ووصيه المرتضى وسبطه الحسين – عليهما السلام -.
في هذا اللقاء نقرأ لكم القسم الأول من قصيدته الغراء (ملحمة الحسين (ع))، التي قال عنها وهو يجيب عن سؤال محرر جريدة البينة الإلكترونية: (لقد أحببت الإمام الحسين، ووقوفه إلى جانب الحق والتضحية في الدفاع عن المبدأ في وجه الظلم وأقولها بكل صدق.. لو كنت مع الإمام الحسين لما ترددت في نصرته ولأستشهدت معه وكان ذلك شرفاً لي، إنني مسيحي حسيني).
إفتتح الأديب جورج شكّور قصيدته (ملحمة الحسين (ع)) قائلاً:
على الضمير دم كالنار موار
إن يذبح الحق فالذباح كفار
دم (الحسين) سخي في شهادته
ما ضاع هدراً به للهدي أنوار
ولشهادة طعم لم يذقه سوى
الشم الأولى أقسموا إن يظلموا ثاروا
قال الأئمة وائتمت بهم أمم
قال الخصوم وصدق القول إصرار:
أما (الحسين) ربيب للنبي، أما
نماله في فؤاد الجد إيثار
سماه ريحانة الشبان حالية
على الجنان شذا الريحان معطار
وقبل الثغر يحبو روحه نسماً
كما تفاوح في الأسحار أزهار
أما (الحسين) وريث (للعلي) فتى
الفتيان من نهجه في السر أسرار؟
وسيفه (ذوالفقار) الفذ ذو الشطب
شهم التطلع فيما الغير غدار
خليفة المصطفى (يوم الغدير) وقد
أتاه من الغيب: بلغ أنت تختار
فقال: من كنت مولاه علي له
مولى وبايع بالآلاف حضار
أكبرت عن أدمعي يوم الحسين
وللشهادة البكر أعراس وأكبار
في ثوبه احتشدت دنيا، وقد نهضت
أحلام أمته إذ ضج إنذار
هذا (يزيد) دعي الحكم ينذره
وهل يبايع بالأحكام فجار؟!
رد (الحسين) بـ (لا) كالسيف صارمة
وسيد الحق بـ (اللاءات) زئّار
سمعت جدي رسول الله حرمها
فلا خلافة في (سفيان) تشتار
المبدأ الحر سر لا أدنسه
مقدس وحماة السر أحرار
حار (الوليد) فما غدر الحسين سوى
غدر برأس به يستكبر الغار
خسرت ديني وجنات النعيم إذا
خسرته، ما أنا والله جزار
إن لم يبايع، فلا إثم ولا جرم
ولا جناح عليه الحر جبار
سار (الحسين) إلى ترب النبي تقىً
مستلهماً سره للقبر أسرار
صلى ملياً، فأغفى راودته رؤى
إن جده قال، ما في القول إضمار:
إني أراك ذبيح (الطف) منطرحاً
في (كربلاء) ومنك الدم فوار
ظمآن قلبك لا تسقى وهم بهم
إلى شفاعتي السمحاء أوطار
يرجونها؟ لا، وربي لن أجود بها
يوم القيامة، لا، لم ينج أشرار
أقدم (حسين) حبيبي، أهلك اشتغلوا
شوقاً إليك غداً للشوق أبصار
مدراج الدنيا العليا توزعها
روح الشهيد وأبرار وأطهار
قال (الحسين): مشيناها خطاً كتبت
إلى الجهاد، وإلا هدنا العار
نحن النسور، سماء الله مسرحنا
أرواحنا فوق، إن ضاقت بنا الدار
مضى إلى مكة البطحاء معتزماً
لم يثنه ناصح، لم تجد أعذار
لا خارجاً أشراً، لا مفسداً بطراً
بل هم امته في البال دوار
كان هذا مستمعينا الأفاضل، القسم الأول من قصيدة (ملحمة الحسين (ع)) للأديب جورج شكّور من أعلام الأدباء المسيحيين المعاصرين، وقد قرأناه لكم ضمن حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار).
لكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران أزكى التحيات مقرونة بخالص الدعوات ودمتم بألف خير.