بسم الله وله الحمد منير الأرض والسماء بأنواره الأصفياء سيد الأنبياء وعترته النجباء صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل خير، وأهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نخصصها لمديحة غراء لسيد البطحاء وكهف سيد الأنبياء وحاميه من كيد المشركين مولانا، شبيه مؤمن آل فرعون، أبي طالب عليه السلام.
وهذا السيد الجليل قد نصت الأحاديث الشريفة المروية عن أهل بيت الرحمة المحمدية – عليهم السلام – على أنه من الأوصياء – عليهم السلام – وبرهنت سيرته على عظيم تفانيه في الدفاع عن الرسالة المحمدية في أصعب ظروفها، ولذلك توجهت إليه سهام فقهاء بني أمية من علماء السوء والأئمة المضلين، فسعوا للإساءة إلى صدق إيمانه ودسوا ذلك في كتب الحديث كيداً وحقداً على إبن أخيه النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وكذلك إبنه أميرالمؤمنين الإمام علي عليه السلام.
من هنا إهتم أدباء الولاء ببيان منزلته – سلام الله عليه – وفاءً له على ما قدمه وتحمله في حفظ الرسالة المحمدية وهو أحد أعمدة قيامها، وكذلك وفاءً للنبي المصطفى والوصي المرتضى، ومن هؤلاء الأدباء، الشاعر السوري المبدع المعاصر الأستاذ إبراهيم بن محمد جواد مؤلف كتاب (خطوط رئيسية في الإقتصاد الإسلامي) والمولود في محافظة إدلب السورية سنة ۱۹۲۷ ميلادية، فقد أنشأ قصيدة غراء في مدح مولانا أبي طالب – سلام الله عليه – نقلها سماحة الشيخ جعفر الهلالي في الجزء الثاني من موسوعة (معجم شعراء الحسين عليه السلام).
الأستاذ إبراهيم محمد جواد يبتدئ قصيدته وعنوانها (سيد الأبطح) بإشارة لطيفة إلى أن ذكر هذا العبد الصالح هو كالماء البارد الذي يطفئ (الوحم) أي شدة الحر؛ فيقول:
إنزل بزمزم تطفي جمرة الوحم
ببطن مكة بين الحل والحرم
عرج عليها وطف بالبيت معتمراً
وسل بطاحاً بها عن فارس قرم
عن سيد من بني عدنان ما فتئت
عاداته تحتذى في البأس والكرم
عن سبط هاشم، سل عنه العلى دأبت
تأتيه زحفاً على موج من النغم
عن عم طاها سليل المجد من قدم
وخير من إنطلق الخطي من بكم
سل عن مآثره يحبو فقيرهم
بكل ما يرتجى من وافر النعم
سل عن مروءته يحمي ضعيفهم
ويخمل العبء عن كهل وعن هرم
سل عن مكارمه يسقي الحجيج وقد
أقام للبيت ركناً غير منهدم
ينبيك أبطحها عن شيخه سحباً
من الشهامة والعلياء والشمم
سل عن أبي طالب ما سر وقفته
مع الرسالة يذكي شعلة القيم
هل كان يجهل سر النور في رجل
جلا به الله سحب الظلم والظلَم؟
هل كان يعبد غير الله آلهة
هل كان يسجد منقاداً إلى صنم؟
ما باله يرتضي عيباً لآلهة
لو كان يعبدها، حاشاه من علم
ما كان يطوي سوى التوحيد معتقداً
ما كان يعبد غير الله من قدم
ويتابع الأديب السوري الأستاذ إبراهيم محمد جواد مديحته لسيد البطحاء وحامي سيد الأنبياء – صلى الله عليه وآله – مولانا أبي طالب – عليه السلام – مشيراً إلى دوره في حفظ الرسالة المحمدية بعد أن أشار إلى خصائصه وفضائله الأخلاقية، قال:
لو لم يكن يبطن التوحيد من ثقة
لم ينتض السيف يحمي سيد الأمم
وعاش ما عاش يرعى الدين من بهم
يحمي النبي بكل ساعد وفم
الشعب يشهدكم أبدت غوائلها
وقابلتها على النعماء بالنقم
وأجمعت تخنق الحق الذي إنبجست
أنواره من فؤاد غير ذي سقم
وقد تحزب أصحاب الهوى حمقاً
وأجمعوا أن يقوموا قومه البهم
فيطبقوا بالسيوف البارقات على
من قام يدعو إلى الأخلاق والشيم
فقام يثنيهم بالحرف آونة
وتارة بالظبى الهندية الخدم
حتى التوى مكرهم وانفل سيفهم
والسيف إن يخترط للصخر ينثلم
زعيم مكة راعيها وخادمها
ما ثم مثلك في الأسياد والخدم
علم وحلم وأخلاق بها خضعت
لك الرقاب خضوعاً غير منخرم
يا سيف مستنصر يا عز مفتقر
يا درع مستضعف يا كهف مهتضم
يا ملجأً شاءه الباري لأحمده
ربى يتيماً وحامى ثابت القدم
كم قد بكاك رسول الله في ألم
والدمع سال على الخدين كالديم
وفت في عضد الاتباع أن فقدوا
حمى هصور وباتوا نهبة السدم
و (السدم) هو – مستمعينا الأفاضل – الهم والحزن؛ وبهذه الملاحظة نختم لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) خصصناه لمديحة أنشأها الأديب السوري المعاصر الأستاذ إبراهيم محمد جواد في مدح سيد البطحاء العبد الصالح مولانا أبي طالب سلام الله عليه، لكم خالص الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ودمتم بألف خير.