بسم الله وله الحمد والمجد تبارك وتعالى أرحمن الراحمين، وأنمى صلواته وتحياته وبركاته على أنوار هدايته للعالمين وينابيع رحمته للخلائق أجمعين، سيدنا وحبيبنا المصطفى الأمين وآله الطيبين الأطهرين.
سلام من الله عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة منه وبركات؛ بتوفيق الله نلتقيكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، وقد أعددنا لكم فيها قصيدة في مدح رابع أئمة العترة المحمدية ومنار الزهد والتقى ومعلم الأجيال أدب الدعاء والعبادة الخالصة مولانا الإمام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين – عليه صلوات الله.
في هذه القصيدة البديعة إشارات لطيفة لبعض البركات التي يحصل عليها الإنسان من التدبير في سيرة هذا الوصي المحمدي الجليل، وقد أنشأها الأديب الولائي السيد محمد نجيب فضل الله العاملي المتوفى في بلدته (عيناتا) اللبنانية سنة ۱۹۹۰ ميلادية.
وقد بدأ – رحمه الله – قصيدته مخاطباً الإمام سيد الساجدين بلقب (أبي الثفنات) أي الزوائد التي كانت تظهر في مواضع السجود من بدنه لكثرة سجوده – عليه السلام – فيضفي الأديب عليها وصف المشرقات بالنور في إشارة إلى نور الإخلاص لله الذي تجلى في العبادة السجادية فصار بذلك مناراً يهتدي به طلاب القرب الإلهي ويتزودون منه التقوى؛ ويتعلمون الجود والعطاء الذي كان يغذو الناس وإن جهلوا حقه.
يقول الأديب الولائي السيد محمد نجيب فضل الله:
أبا الثفنات المشرقات على الدجى
يعب التقى منها المشرق المتيم
وتلثمها التقوى بأجفان مغرم
كما لثم القرآن من عشقه فم
إذا ما مشى فوق الصفا فجر الصفا
ينابيع منه كل جرداء تنعم
ومن يمنه يخضل جدب وممحل
ويهتز روض في البطاح منمنم
شمائله من نبعة أحمدية
فم الصبح من آلائها يتبسم
على منكبيه برد أحمد يزدهي
وتستافه الدنيا طيوباً وتلثم
رؤوف رحيم بالمساكين قلبه
وأحنى بني الدنيا عليهم وأرحم
ويتابع أديبنا العاملي السيد محمد نجيب فضل الله مديحته للإمام زين العابدين مشيراً إلى سيرته – عليه السلام – في إيصال المعونات للمحتاجين دون أن يعرفوا مصدرها ودون أن يثنيه عن إيصالها لبعضهم مما كان يسيء إليه متوهماً أنه يحرمه من عطائه، قال الأديب مخاطباً مولاه:
وكم من عفاة كنت تحمل زادها
إليها وجنح الليل داج ومظلم
سوى الله لم يعلم بما أنت مفضل
عليها ولم يعلم بما أنت منعم
تناولك الأدنى القريب وما درى
بأنك تغذوه وأنك تطعم
تبين لما ان قضيت بأنه
توهم شراً ساء ما يتوهم
وفدت لبيت الله والحج قائم
ومن دونه سيل الحجيج عرمرم
تأخر وارتد ابن مروان صاغراً
وأقبلت في برد النبوة تحرم
وعنه تنحى الناس وانفرجوا له
وأقبل زين العابدين المعظم
وغاضت هشاماً هيبة لك في الورى
وما الدين غلا هيبة وتكرم
تساءل أهل الشام عنك تجاهلاً
وإنهم من غيرهم فيك أعلم
فما راعهم إلا الفرزدق قائماً
على الناس يجلي الطيبات وينظم
وأنشد والدنيا مسامع كلها
وأنف بني مروان في الترب مرغم
أمن هوذا؟ إن هذا ابن فاطم
وهذا الذي بالعدل يقضي ويحكم
أبوه المجلي يوم طاشت حلومكم
غضوباً كما جلى عقاب وقشعم
جلى الخيل عن شاطي الفرات وكبها
فوارس فوق النهر يحملها الدم
وما وسعتها البيد وهي شوارد
بفرسانها من بأسه تتحطم
وحط على راياتها فأزالها
مراراً ولكن القضا ليس يهزم
ولم يعطهم كف الذليل وخاضها
برغم المنايا لجة تتضرم
فحطم أصناماً ونبه أمة
وزلزل عرشاً بالأباطيل يدعم
ومن صرخة الدنيا أفاقت أمية
وما لها إلا الخزي واللعن مغنم
كانت هذه، أيها الإخوة والأخوات، طائفة من الأبيات التي إخترناها من قصدية في مدح مولانا الإمام زين العابدين – عليه السلام – من إنشاء الأديب العاملي السيد محمد نجيب فضل الله - رحمه الله - وقد قرأناها لكم في لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.