بسم الله وله الحمد وخالص الشكر والثناء، حمد أسوة الصابرين الراضين بالقضاء الشاكرين لله في السراء والضراء والعافية والبلاء، حبيبنا سيد الأنبياء محمد وآله الأصفياء الرحماء، صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته، من القصائد التي خلدها وجدان المؤمنين، قصيدة (قم جدد الحزن في العشرين من صفر) التي أنشأها العالم الزاهد السيد هاشم الستري البحراني في ذكرى أيام زيارة الأربعين الحسينية، وهو يواسي الأسرة المحمدية وقد عادت لمصارع شهداء واقعة الطف الخالدة بعد أن تحملت ما لا تطيقه الجبال طوال رحلة السبي الأموي لعيالات سيد المرسلين الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله-.
وقد قرأنا لكم – أيها الأكارم – في حلقة الأمس من هذا البرنامج الشطر الأول من هذه القصيدة المفجعة، حيث صور لنا السيد البحراني بعضاً من مشاهد زيارة الفاطميات لقبور حماتهن الشهداء في كربلاء، وها هو في تتمة القصيدة يصور إستعداد الأسرة المحمدية لمغادرة كربلاء للعودة إلى مدينة جدها المصطفى _صلى الله عليه وآله_ وهي تحمل عبرات الطف.
قال الأديب الولائي السيد هاشم البحراني – رضوان الله عليه – في تتمة قصيدته؛
لا تحسبوا كربلا قفراء موحشةً
أضحت تفوق رياض الخلد بالزهر
يا راجعين بالسبايا قاصدين إلى
ارض المنية ذاك المربع الخضر
خذوا لكم من دم الأحباب تحفتكم
وخاطبوا الجد هذي تحفة السفر
يا أم كلثوم قدي الجيب صارخةً
على أخيك وفوق المرقد أعتفري
قولوا لزائره ان لا يفارقه
فكربلا منزل الأحزان بالغرر
يا كربلا أي جسم في ثراك ثوى
لو تعلمين لنلت العرش في القدر
لآلىء كعبة الهادي لهم صدف
لديك ما بين مكسور ومنفطر
شككتِ من نقط المرجان من دمهم
قلائداً نورها يعلو على الدرر
ضممتِ أشباح أنوار فواعجباً
عن ساحة الأرض فوق العرش لم تصر
وطتكِ أقدامهم فأرتاح من شرف
ثراك يعطي حياة الجن والبشر
يا مؤمنون أكثروا للحزن وانتحبوا
عليهم مدة الآصال والسحر
حطوا عزاه وقولوا رأس سيدنا
قد رد في العشرين من صفر
وابكوه يلثم أطفالاً ويرشفها
مودعاً ودموع العين كالمطر
وابكوه إذ صار مأوى النبل جثته
وصدره مركز الخطية السمر
وابكوه أذبل وجه الأرض من دمه
وخرَّ عن متن برج السرج كالقمر
وابكوه والشمر جاثٍ فوق منكبه
يحز رأساً سما عن كل مفتخر
قد مكن السيف في نحرٍ يهبرهُ
والسبط يفحص رجلاً حال محتضر
يصيح في شمر أواه واعطشا
هل شربة التقيها آخر العمر
وابكوه والذابل الخطى محتملاً
رأس الجلال ورأس المجد والخطر
وافدوا لجثة واطي العرش تحطمها
الجياد ولم يبق عضو غير منكسر
لا يفجع الدهر إلا من يحس به
ملجاً مرجى لدفع الضيم والضرر
كل الثمار على الأشجار باقيةً
وليس يقطع إلا طيب الثمر
كل الكواكب في الأفلاك آمنةً
والكسف والخسف حظ الشمس والقمر
يا عترة المصطفى المختار يا عددي
ومن بدولتهم عزي ومفتخري
أنتم أولوا الفضل إذ جئتم على قدرٍ
كما أتى ربه موسى على قدر
يا سادتي أرتجيكم دائماً لأبي
والأم والأهل أمناً من لظى سقر
صلى عليكم إلهي حيث خصكم
بعصمةٍ من جميع الأثم والكدر
رحم الله السيد هاشم الستري البحراني وجزاه الله خيراً على القصيدة المفجعة التي أنشأها في ذكرى أربعينية سيد الشهداء وصحبه الأبرار _صلوات الله عليه وعليهم أجمعين_ والتي حملت عنوان (قم جدد الحزن في العشرين من صفر).
قرأنا لكم فيما تقدم أيها الإخوة والأخوات، الشطر الثاني من هذه القصيدة، وضمن حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، لكم منا خالص الدعوات ودمتم في أمان الله.