بسم الله و له الحمد نور الأنوار و أطيب صلواته على صفوته الأبرار النبي المختار و آله الأطهار.
السلام عليكم أيها الأكارم و رحمة الله، على أطراف بلدة (المسيب) على بعد حدود أربعين كيلومترا من مدينة كربلاء المقدسة تلوح للعيون قبتان ذهبيتان أقامهما أهل المودة و الولاء على قبري اثنين من شهداء واقعة الطف الفجيعة.
إنهما السيدان محمد و إبراهيم طفلا مسلم بن عقيل سلام الله عليه و عليهما، و كانا ضمن عيالات الحسين – عليه السلام – في كربلاء و قد هاما في البرية بعد هجوم زمر النفاق على عيالات العترة المحمدية عصر عاشوراء، حتى انتهى بهما المطاف إلى الإستشهاد ذبحا و بصورة مفجعة للغاية على يد أحد قساة القلوب من أشياع بني أمية، فصار مرقدهما الطاهر من البيوت التي أذن الله عزوجل أن ترفع و يذكر فيه اسمه و يستجيب فيها دعوات المتوسلين إليه بهذين السيدين الشهيدين الطاهرين.
و قد رويت قصة استشهادهما في المصادر المعتبرة مثل كتاب الأمالي للشيخ الصدوق – رضوان الله عليه –، و قد نظم هذه القصة المفجعة بلغة الشعر الأديب الولائي العالم الشيخ علي بن الحاج حسن الجشي في قصيدة مؤثرة نقرأها لكم بعد قليل فتابعونا مشكورين.
قال الشيخ علي الجشي راثيا ابني مسلم بن عقيل – سلام الله عليهما –:
الله من دهر جفا أهل الإبا
و شملهم صيره أيدي سبا
فهل له عندهم من ترة
إن وجد الفرصة فيهم وثبا
ألا ترى ابتلاءه أهل العبا
و من إليهم انتمى و انتسبا
أفدي يتيمي مسلم إذ أسرا
ظلما وفي سجن الدعي عذبا
حتى إذا ضاقا بما نالهما
ذرعا و أمر الله جل اقتربا
فخاطبا السجان في أمرهما
و بالنبي المصطفى تقربا
هناك خلى عنهما فانطلقا
لا يعرفان مسلكا و مذهبا
سارا بليل و هما لم يدريا
أين الطريق يطلبان مهربا
حتى انجلا الظلام والصبح بدا
بدوحة خوف العدى تحجبا
تحجبا عن الأنام و القضا
إذا جرى على امرء لن يحجبا
هنالكم آوتهما ميمونة
حب الوصي اتخذته مشربا
و أفردت بيتا إليهما لكي
لا يعلم الناس إليهما نبا
و حيث قرا و اطمأنا بالذي
قد صنعته لم يخالفا الطلبا
و قد غفت عيناهما من تعب
فطالما خوفا و مشيا تعبا
رأى هناك واحد أباهما
قتيل كوفان و أصحاب العبا
قالوا تركت ابنيك بين معشر
عليهم رب الورى قد غضبا
فقال ها هما على إثري فقد
دنا الحمام منهما و اقتربا
فجاء رب البيت و الشيطان من
خبث انطوائه به قد كعبا
مستخبرا من أنتما فانتسبا
فازداد طغيانا و أبدى الغضبا
قد لطم الأكبر لطمة بها
أكبه على الثري و أحربا
فهشم الأسنان و الوجه و قد
سالت دماه منهما فخضبا
و شد كلا بوثاق إذ هما
لا يستطيعان دفاعا و إبا
أفديهما مستسلمين للردي
لم يرجعوا سلامة بل عطبا
قالا له ارحمنا لصغر سننا
و قربنا من النبي المجتبي
فقال لا أرى بقلبي رحمة
إليكما و لا لطه نسبا
قالا له يا شيخ بعنا فأبي
لله من دهر جفا أهل الإبا
قالا فخذنا لعبيد الله ما
شاء بنا يصنع و الطاغي أبا
فلم يجبهما لشيء بل طغى
و جدل الأكبر في ماضي الشبا
فخر للأرض صريعا بأبي
يخور في دمائه متربا
فصاح من شجو أخوه نادبا
و من دما نحر أخيه اختضبا
كيما يراه الله في المعاد من
دما أخيه جسمه مخضبا
الله لم يرتدع اللعين عن
طغيانه يا ليت سيفه نبا
وسار بالرأسين في مخلاته
لابن الدعي للعطا فعذبا
يا أهل كوفان قتلتم مسلما
ظلما و ما تركتم من أعقبا
ما ذنب طفليه اليتيمين فلم
قتلتم و خنتموا هل أذنبا
إليكم بني الهدى راثية
لمن إليكم انتمى و انتسبا
صلى عليكم الإله ما نجى
ناج بكم و نال فيكم مطلبا
كانت هذه أيها الإخوة و الأخوات مرثية الأيب الولائي العالم الشيخ علي بن الحاج حسن الجشي للسيدين الشهيدين محمد و إبراهيم ابني سفير الحسين مسلم بن عقيل – سلام الله عليهم أجمعين – صاحبي المرقد المبارك في أطراف بلدة المسيب من نواحي كربلاء المقدسة و قد قرأناها لكم ضمن لقاء اليوم من برنامجكم ( مدائح الأنوار ).
من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران نجدد لكم أطيب التحيات و دمتم بكل خير.