بسم الله و له الحمد الخالص تبارك و تعالى رب العالمين، و أزكى صلواته على صفوته من الخلائق أجمعين محمد و آله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب و رحمة الله، وصف الإمام الحسين – عليه السلام – أصحابه بأنهم أوفى الأصحاب، و في هذا الوصف تكريم لهذه الكوكبة التي لم يشهد التاريخ البشري نظيرا لهم في جميل إخلاصهم لله عزوجل في نصرة وليه و خليفته في أرضه و سبط نبيه سيد الشهداء – صلوات الله عليه –، نصروه في وقت بلغ الإرهاب الأموي ذروته و تقدموا للشهادة المفجعة بين يديه و قد أبوا الأخذ بطلبه منهم أن ينجوا بأنفسهم و يتركوه. من هنا خصصت قصائد الشعر الحسيني جزءا مهما منها لتخليد مواقف هذه الكوكبة الطاهرة من أنصار الله و رسوله و أوليائه – عليهم السلام –، نختار منها بعض أبيات إحدى غرر القصائد الحسينية أنشأها علم تقي ورع هو الخطيب الحسيني البارع السيد علي الترك الموسوي المتوفى في الحج سنة ۱۳۲٤ للهجرة رضوان الله عليه.
يبتدأ السيد علي الترك قصيدته مخاطبا المهدي المنتظر – عجل الله فرجه – قائلا:
نهضا فقد نسيت لؤى شعارها
فأزل بسيفك عن لؤى عارها
هدأت على حسك الردى موتورة
فانهض فديتك طالبا أوتارها
فمتى تقر العين طلعتك التي
حسدت مصابيح الدجى أنوارها
و متى تشن على الأعادي غارة
شعواء ترفع للسماء غبارها
و متى أراك على الجواد مشمرا
تحت العجاجة صارما أعمارها
ومتى تصول على الطغاة مطهرا
منها البسيطة ماحيا آثارها
و تعيد أرض الله قاعا صفصفا
حتى تتطبق بالهدى أقطارها
لا صبر يابن العسكري فشرعة ال
هادي النبي استنصرت أنصارها
هدمت قواعدها و طاح منارها
فأقم بسيفك ذي الفقار منارها
حتى مَ تصبر و العبيد طغت على
السادات حتى استعبدت أحرارها
و إلى مَ تغظي و الطغاة تحكمت
في المسلمين وحكمت أشرارها
و بنت على ما أسست آباؤها
من قبل حين تتبعت أخبارها
إذ قدمت رأس الفساد و أخرت
عين السداد و أمرت كفارها
و بنت على ذاك الأساس أمية
غصب الإله و وازرت خمارها
و تواترت بالطف تطلب وترها
عصب الضلال فأدركت أوتارها
ثارت على أبناء آل محمد
في كربلاء حتى أصابت ثارها
سلوا سيوف الشرك حتى جدلوا
فوق الصعيد صغارها و كبارها
نفسي الفداء لأسرة قد أرخصت
دون ابن بنت نبيها أعمارها
و لفتية مضرية حمت العلي
فقضت وما صبغ المشيب عذارها
ما جاءها الموت الزؤام مقطبا
إلا رأى بوجوهها استبشارها
صيد إذا اشتبكت أنابيب القنا
و أطارت البيض الرقاق شرارها
حيث الظبا ترمي العدا جمرا كما
بمنى رمت زمر الحجيج جمارها
خطبوا لبيضهم النفوس و صيروا
الأعمار مهرا والرؤوس نثارها
غرسوا الصوارم بالطلى لكنما
في جنة المأوى جنت أثمارها
حتى قضوا حق المكارم و العلى
بسيوفهم و تقمصوا أطمارها
و دعاهم داعي القضا لمراتب
قد شادها الباري لهم واختارها
ركبوا مناياهم ففازوا بالمني
أبدا و حازوا عزها و فخارها
وهووا على وجه الثرى و نفوسهم
عجزت إذ الباري أحب جوارها
و غدا فريد المجد ما بين العدي
فردا يوبخ ناصحا أشرارها
فهناك هز من الوشيج مثقفا
و استل من بيض الظبا بتارها
ضاق الفضا حين انتضى للمرتضي
عضبا به لولا القضا لأبارها
كانت هذه مستمعينا الأطائب طائفة من إحدى غرر القصائد الحسينية و فيها جميل الوصف لبسالة أنصار الحسين – عليه السلام – في التضحية و الفداء في سبل قيم السماء، و هي من إنشاء الخطيب الحسيني البارع و الأديب الولائي التقي السيد على الترك الموسوي قدس سره الشريف.
من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، ننهي لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) شكرا لكم و في أمان الله.