بسم الله و له الحمد حمد الشاكرين له على عظيم المصاب ، المصطفى محمد و آله الأطياب صلوات الله و تحياته و بركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب و رحمة الله ، أهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج. إخوة الإيمان ، تعد فاجعة إستشهاد رضيع الحسين عبد الله أو علي الأصغر صلوات الله عليه من أشد وقائع عاشوراء إدماء للقلوب و إثارة للمشاعر ، فقد بلغت مظلومية سيد الشهداء عليه السلام ذروتها و هو يستسقي لطفله الرضيع ماء و قد بلغ الظمأ به مداه و الجوع أيظا أقصاه إذ أن الرضيع طعامه لبن أمه و قد جف بسبب ظمأها.
فضاعف بنو أمية و أشياعهم من مصاب الحسين بقتل رضيعه و هو على صدره ليسودوا سجل الجرائم الأموية بجريمة لم يشهد لها التاريخ مثيلا..
من هنا فقد شكلت فجيعة السيد الزكي عبد الله الرضيع – صلوات الله عليه – عنصرا أساسيا في شعر الرثاء الحسيني ، نقرأ لكم بعض نماذجه في هذا اللقاء.
قال الأديب الولائي الفاضل المرحوم محمد رضا الخزاعي المتوفى في النجف الأشرف سنة ۱۳۳۱ للهجرة في ختام إحدى قصائده الحسينية و هو يشير الى ماجرى لسيد الشهداء عليه السلام قبل مصرعه ، قال :
فلو تراه حاملا طفله
رأيت بدرا يحمل الفرقدا
مخضبا من فيض أوداجه
ألبسه سهم الردى مجسدا
تحسب أن السهم في نحره
طوق يحلي جيده عسجدا
و مذ رأته أمه أنشأت
تدعو بصوت يصدع الجلمدا
تقول عبد الله ما ذنبه
منفطما أب بسهم الردى
لم يمنحوه الورد إذ صيروا
فيض وريديه له موردا
أفديه من مرتضع ظاميا
بمهجتي لو أنه يفتدى
فطر من فرط الصدا قلبه
يا ليت قد فطر قلبي الصدا
ويصور أديب ولائي ثان الإستسقاء الحسيني للرضيع الظمأن و هو يحمله للجيش الأموي الذي بلغ بالبشاعة مداها ، فيعرض مشهدا يهز كل وجدان ، من الأعماق و هو يقول :-
إن أنس لا أنسى إبن فاطم مذ غدى
و الطفل من حر الظما يتلوع
فأتى به نحو اللئام مناديا
يا قوم هل قلب لهذا يخشع
هل راحم يسقيه من ماء لكي
يبتل منه فؤاده المتوجع
قالوا له مهلا سنسقيه الردى
بيد الحتوف علقما لا يجرع
فرماه حرملة بسهم في الحشى
فغدت دماء حشاشته تتدفع
فرمى بكفيه دماء وريده
نحو السماء مناديا يا مفزع
أنت العليم بفعله فأحكم بهم
مهما تشاء فإليك ربي المرجع
و في مقطوعة أخرى نلتقي بمقارنة مؤثرة بين ما جرى لذبيح الله إسماعيل بن ابراهيم الخليل عليه السلام و ما جرى عند ظمأ ابن الحسين عبد الله الرضيع صلوات الله عليه ، قال أحد شعراء الولاء :-
لهفي عليه حاملا طفله
يستسقي ماء من عداه له
فبعضهم قد قال : رفقا به
و بعضهم قال : إقطعوا نسله
لما رأى حرمله ما جرى
أرسل قبل قولهم فعله
أهل درى حرملة ما جنى
أم هل درى ما قد جنى ويله ؟
سهم أصاب نحره.. ليته
أصاب نحري ليته قبله
أم الذبيح مذ رأت طفلها
يضرب من حر الظمأ رجله
سبعة أشواط له كابدت
و هي ترى مما به مثله
وأم موسى مذ رأت طفلها
في اليم قد ظنت به قتله
هذا سقاه الله من زمزم
و فرع هذا قد رأى أصله
أين رباب منها مذ رأت
رضيعها.. فيض الدما بله
تقول:عبد الله يقضي ظمى
و الماء يجري طاميا حوله
كنت أرجي لي عزاء به
ما كنت أدري أن أرى ثكله
كانت هذه إخوة الإيمان والولاء بعض ما قاله شعراء الولاء في تصوير إستشهاد رضيع الحسين صلوات الله عليهما يوم عاشوراء ، وبه ننهي لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. تقبل الله منكم حسن الإصغاء و دمتم في رعايته سالمين.