بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وله الحمد، حمد سادات الشاكرين له المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.
احبتي الكرام يتمّيز التفاعل مع رموز الملحمة الحسينية عن التفاعل مع غيرهم من الأبطال التاريخيين بأن المؤمن يتفاعل معهم صلوات الله عليهم أجمعين بكل وجوده، بعقله ومشاعره ولذلك تأثره بهم يكون أشد من التأثر بغيرهم وهذا الأمر لشدة مظلوميتهم من جهة ومن جهة ثانية لقوة المواقف الإيمانية التي سطّروها يوم عاشوراء بصبرهم وشجاعتهم وسائر فضائلهم وهذا ما نلمحه أيها الأكارم في الأبيات التي إخترناها للقاء اليوم من هذا االبرنامج وهي من إحدى روائع الشعر الحسيني الخالد. تشتمل على تصوير فني بليغ للمظلومية الحسينية ولمناقبية مواقف سيد الشهداء وصحبه الأبرار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. القصيدة من إنشاء شاعر أهل البيت الخالد السيد جعفر الحلّي صاحب ديوان الجعفريات وكتاب سحر بابل وسجع البلابل المتوفى سنة ۱۳۱٥ للهجرة رضوان الله تعالى عليه.
في مطلع قصيدته يتشوّق السيد جعفر الحلّي للمشاركة مع المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه في أخذ بثارات الحسين عليه السلام وهو يُصوّر شدة التأثير الحسيني في القلوب قائلاً:
وجه الصباح عليّ ليل مظلم
وربيع أيامي عليّ مُحرّم
والليل يشهد ليّ بأني ساهر
مذ طاب للناس الرقاد وهوّم
قلقاً تُقلبي الهموم مضجعي
ويغور فكري في الزمان ويُتهم
من لي بيومي وغى يشب ضرامهم
ويشيب فوض الطفل منه فيهرم
يُلقي العُجاج به الجران كأنه
ليل وأطراف الأسنة أنجم
فعسى أنال من التراث مواضياً
تُفدي عليهن الدهور وتُلحم
او موتة بين الصفوف أحبها
هي ديني معشري الذين تقدّموا
ما خلت أن الدهر من عاداته
تروى الكلاب به والضيغم
مثل أبن فاطمة يبيت مُشرّداً
ويزيد في لذّاته متنعم
يرقى منابر احمد متأمراً في
المسلمين وليس يُنكر مسلم
ويُضيّق الدنيا على إبن محمد
حتى تقاذفه الفضاء الأعظم
خرج الحسين من المدينة خائفاً
كخروج موسى خائفاً يتكتم
وقد إنجلى عن مكة وهو إبنها
وبه تشرّفت الخطيم والزمزم
اين الإمام يُريح بُدن ركابه
فكأنما المأوى عليه مُحرّم
فمشت تأم العراق نجائب
مثل النعام به تخب وترسم
حفّته خير عصابة مُضريّة
كالبدر حين تحف به الأنجم
ركب الحجازيون بين رحالهم
تسري المنايا اُنجدوا او اُتهموا
يحدون في هزج التلاوة عيسا
هم والكل في تسبيحه يترنم
ولصبر أيوب الذي إدرعوا به
من نسل داوود أشد وأحكم
نزلوا بحوضة كربلاء فتطلبت
منهم عوائدها الطيور الحوّم
طمعت أمية حين قلّ عديدهم
لطريقهم في الفتح أن يستسلموا
ورجوا مذلتهم فقلّن رماحهم
من دون ذلك أن تُنال الأنجم
حتى اذا إشتبك النزال وصرّحت
صيد الرجال بما تجن وتكتم
وقع العذاب على جيوش امية
من باسل هو في الوقائع مَعلم
ماراعهم إلا تقحّم ضيغم
غيران يعجم لفظه ويُدمدم
عبست وجوه القوم خوف الموت
والعباس فيهم ضاحك مُتبسّم
قلب اليمين على الشمال وغاص في
الأوساط يحصد في الرؤوس ويحطم
وثنا أبو الفضل الفوارس نُكّساً
فرأوا أشد ثباتهم أن يُهزموا
ما كرسّوا له بأس مُتقدماً
إلا وفرّ ورأسه المُتقدّم
صبغ الخيول برمحه حتى غدا
سيان أشقر لونها والأدهم
ما شدّ غضباناً على ملومة
إلا وحلّ بها البلاء المُبرم
مستمعينا الأفاضل ولهذه الأبيات في وصف شجاعة حامله والحسين عليه السلام مولانا أبي الفضل العباس صلوات الله عليه تتمة مؤثرة في قصيدة شاعر أهل البيت السيد جعفر الحلّي رضوان الله عليه، نسأل الله أن يوفقنا لقراءتها في حلقة مُقبلة من برنامجكم مدائح الأنوار. تقبّل الله منكم طيب الإصغاء لحلقة اليوم إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير وفي امان الله وأسألكم الدعاء.