بسم الله و الحمد لله الذي رزقنا التشيع لحبيبه و سراجه المنير محمد المصطفى و آله مصابيح الهدى صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوة الإيمان و الولاء..
إن من أوضح علامات الإيمان بالله و الولاء لأوليائه ، هو انبعاث الغيرة الإيمانية على الحرمات الإلهية عند ما يطلع على ما ارتكبه غاصبي الخلافة المحمدية و عتاة الطغيان الأموي في واقعة عاشوراء ، فهؤلاء الطغاة استهدفوا و بأشبع أشكال الإجرام أقدس حرمات الله و هم يقتلون أطهر و أزكى عترة عرفها التاريخ الإنساني و يذبحون بالغدر كواكب سماء الإيمان من ذرية سيد الأنبياء – صلى الله عليه و آله – ، و يسبون عقائل الوحي المبين بأشد و أقسى مصاديق اللؤم و الجفاء..
هذه الغيرة الإيمانية التي تفجرها في القلوب الملحمة الحسينية تجليها الأبيات التالية من مرثية حسينية أنشأها آية الله العالم الجليل الزاهد الورع الشيخ علي كاشف الغطاء المتوفى في جوار المشهد الحسيني سنة ۱۲٥۳ للهجرة النبوية.
قال الأديب العالم الشيخ على كاشف الغطاء – رضوان الله عليه –:
ألا يا كربلاء كم فيك بدر
علاه الخسف من قبل التمام
وكم غصن بأرضك جف غضا
ليسقي بالدما شرع الكرام
و كم من آل أحمد من أبي
قضى ظمأ ولج الماء طامي
بنفسي كل أبلج من قريش
أشم الأنف معروق الفطام
و كل معرق في المجد منهم
يدار بذكره كأس المدام
على الرمضاء دامي النحر عار
و لا ظل له غير القتام
و يا لك عصبة لم ترع إلا
لآل الله في الشهر الحرام
فهذا موثوق عان و هذا
عليل لا يفيق من السقام
و ذاك مجرع كأس المنايا
بضرب السيف أو رشق السهام
و أفئدة العقايل والهات
لها خفقان أجنحة الحمام
قريحات الجفون تضيق فوها
بما في الصدر من صفة الغرام
سقطن على الشهيد بحر قلب
إلى تقبيل منحره ظوامي
و إن أبعدن قسرا عن حماه
لحظناه بأجفان دوامي
ألا من مبلغ عني نزارا
ببطحاء المشاعر و الحرام
لأنتم أطول الثقلين باعا
و أبعد موطنا عن كل ذام
فلا حملت عواتقكم سيوفا
ورأس السبط فوق الرمح سامي
و لا ركبت فوارسكم خيولا
وصدر السبط مرضوض العظام
و لا حجبت كرائمكم خيام
و رحل السبط منهوب الخيام
و لا نقع الغليل لكم رواء
ونجل محمد في الطف ظامي
و لا بلغ الفطام لكم رضيع
و طفل السبط يفطم بالسهام
أنصار له في الله باعوا
حياة النفس بالموت الزوام
لقد ألفوا الوغى قدما فحنوا
إلى الهيجاء حنين المستهام
إذا شبت لظى الهيجاء كانوا
أمام الدار عين إلى الأمام
حموا وسموا فما حام وسام
سواهم من بني حام و سام
لقد نالوا المنى وجنوا ثمارا
من الشرف الرفيع المستدام
وفي نهاية مرثيته الحسينية يتوجه الأديب الورع آية الله الشيخ علي كاشف الغطاء إلى الأخذ بثأر الحسين – عليه السلام – مولانا صاحب الزمان – عجل الله فرجه الشريف – فيخاطبه قائلا:
أيا ابن القادمين على المنايا
إذا ما الصيد تحجم في الصدام
و هم حجج الإله على البرايا
بهم عرف الحلال من الحرام
تحلى بالعلى قوم سواهم
فكان نصيبهم منها الأسامي
متى أنا قائم أعلى مقام
و لاق ضوء وجهك بالسلام
وقد نشرت لك الرايات تبدو
خوافقها بمكة فالمقام
تقود جوامح الأيام حتى
جرت بيديك طيعة اللجام
و أشرقت البلاد بجيش نصر
رماحهم أخف من السهام
وبيض في سواد النقع تهوي
إلى فيض الدما أبدا ظوامي
هناك يشتفي الصادي ويحظي
وليكم بإدراك المرام
جزى الله خيرا آية الله العالم الورع الشيخ علي كاشف الغطاء رضوان الله عليه على هذه المرثية الحسينية المؤثرة والتي تقربنا إلى الله بقرائتها في لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار). تقبل الله منا و منكم دموع الوجد على مصباح هداه الحسين – عليه السلام – اللهم آمين..
من إذعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران نجدد لكم خالص التحيات و في أمان الله.