بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين له في السراء والضراء والعافية والبلاء والصلاة والسلام على صفوته النجباء سيد الأنبياء وآله الأوصياء.
السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله وبركاته.. لم يعرف التأريخ الإنساني قضية فجرت مشاعر الأدباء والشعراء مثل ملحمة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين – صلوات الله عليه – فقد اشتملت وقائع عاشوراء على كل ما يلهب الروح الإنسانية بمشاعر الألم والأسى لعظيم المصاب من جهة ومن جهة ثانية يملأها بمشاعر الفخر والإعتزاز بأبطال كربلاء الذين سطروا ملاحم في الإباء والفداء لم يشهد التأريخ الإنساني لها نظيراً.
وكلا هذين الأمرين نلمحها في قصيدة هذا اللقاء وهي للأديب المبدع الأستاذ عبد الجليل الرفاعي من أدباء اليمن، وقد من الله عليه ببركة معرفة الملحمة الحسينية بالنجاة من ضلالات التيار الوهابي الذي كان ينتمي إليه فاعتنق مذهب أهل بيت النبوة فطفق يجند قريحته في مدحتهم ورثائهم – عليهم السلام – ومن شعر فيهم قصيدة (يا كربلاء تحدثي) التي أنشأها في محرم الحرام سنة ۱٤۳۳ للهجرة، نقرأ لكم طائفة من أبياتها؛
دمعي جرى من مقتلي مثورا
لما تذكر خافقي عاشورا
ومضى الجوى في مهجتي متوغلاً
ولقد غدا وسط الحشا محفورا
أنا من يوالي آل بيت المصطفى
ولحزنهم يجري الدموع بحورا
هذا مصاب محمد في سبطه
جعل النهار من الجوى ديجورا
فالكون أظلم أرضه وسماؤه
إلا ابن هند قد بدا مسرورا
متبجحاً بالانتقام لجده
وبكفره متفوهاً مغرورا
ولقد قتلنا القوم من ساداتهم
قال ابن هند شعره المشهورا
ظنوا بأن قتل الحسين يزيدهم
إن ابن آوى لن يكون هصورا
لكنما قتل الحسين يزيدهم
ذكر ابن هند قد غدا مبتورا
أما الحسين السبط قد ملأ الدنى
فخراً وذكراً خالداً معمورا
يا كربلاء تحدثي عن مشهد
جعل الموالي باكياً مسرورا
لما يرى زوار سبط محمد
تترى ويغدو سعيهم مشكورا
ويرى النواصب حائرين بغيضهم
وفؤاد كل منهم مكسورا
أحسين يا سبط النبي محمد
يا سيداً ملأ البسيطة نورا
ذكراك يا نجل البتول وحيدر
أدمت قلوب المؤمنين دهورا
ولكم بكاك الوحش في فلواته
والطير صار لما جرى مذعورا
والأرض ناحت والسموات العلى
غضبي تجود بدمعها مسجورا
بكى الوجود على الحسين بأسره
يوم الطفوف ولم يزل مقهورا
ويكاد يقطر بالأسى لمصيبة
أنى لها بين الخطوب نظيرا
عجبي لقوم حاربوا أهل الكسا
وبرأس سيدهم أتوا مبتورا
من بعد ما قتله آل امية
ظلماً لترضى فاسقاً مخمورا
منعته من ماء الفرات وسددت
سهما بقلب محمد مجذورا
كشفت عن الحقد الدفين لأحمد
مذ كشرت أنيابها عاشورا
حب النبي وآله دين لنا
منهم وفيهم قد عرفنا النورا
أو بعد هذا نستبيح دماءهم
ونبيد في أرض الطفوف بدورا
ونقول إن أهل سنة أحمد
ظلماً من القول الكذوب وزورا
ترك النبي لنا عصارة جهده
عند الوصي لنأمن المحذورا
ومن الوصي إلى الزكي وصنوه
من ذكره ملأ الوجود حضورا
إني لأذكره بيوم مصابه
فتجود عيني بالدموع بحورا
يا ليتني كنت الفداء لنعله
فأكن أمام أبي تراب فخورا
كانت هذه مستمعينا الأفاضل طائفة من أبيات منتخبة من قصيدة (يا كربلاء تحدثي) للأديب اليمني المعاصر الأستاذ عبد الجليل الرفاعي وهو من الذين أنقذهم الله عزوجل من ضلالات الوهابية ونقله إلى رحاب موالاة أهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – ببركة تعريفه بالملحمة الحسينية الخالدة.
وبهذا ننهي أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.