بسم الله وله عظيم الحمد وخالص الثناء إذ هدانا لمودة وموالاة وإتباع مشارق نوره المبين وأبواب رحمته للعالمين المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين- صلواته عليهم أجمعين-.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة الله...روي عن إمامنا الباقر- عليه السلام- أنه قال: (وهل الدين إلا الحب)، وجاء ذلك ضمن حديث له- عليه السلام- عن الحب في الله والبغض في الله عزوجل...
فالحب الصادق لأولياء الله عزوجل- أيها الأكارم- هو مفتاح الطاعة والإتباع لهم- عليهم السلام-، ولذلك نلاحظ في القرآن الكريم أن الله تبارك وتعالى لم يأمرنبيه الاكرم- صلى الله عليه وآله- أن يطلب من أمته أجراً على ما تحمله في تبليغه رسالات ربه إليهم إلا المودة في القربى أي محبة خلفائه وعترته أهل بيته- عليهم السلام- فمحبتهم مفتاح طاعتهم التي تكمن فيه طاعة الله ورضاه عزوجل...
من هذا المفهوم القرآني إنطلق شاعرالمديحة الجوادية التي إخترناها لهذا اللقاء وهو الأديب المعاصرالأخ الدكتورجابرالحبيب، وقد بدأها بأشارات لطيفة الى آثارمودة أهل البيت- عليهم السلام- في النجاة من الظلمات والإنتقال الى رحاب النورالإلهي القدسي ثم تابعها بذكرأحد مصاديق هذه المودة متمثلة في التقرب الى الله بمحبة تاسع أئمة العترة المحمدية ابن الرضا مولانا الإمام محمد التقي الجواد- صلوات الله عليه-.
قال الأديب الولائي المعاصرالدكتورجابرالحبيب:-
جمعت حبّ ذوي الأحساب والنّسب
في صرّة القلب لا في صرّة الذهب
أشحّ بالنفس إلا في مودّتهم
مهما إليّ خراج الخافقين جبي
هم جذوة النورفي الدّيجورآنسها
قلبي الكليم فواها ولم يخب
فكيف أركن في ظلماء مقفرةٍ
بأنّ قارون يؤويني عن السّغب؟!
إذا افتقرت إلى عود الثّقاب فهل
في ظلمة الليل تغني وفرة الحطب؟!
وهل نجومٌ من الأوهام قد نثرت
من سلة الحقد تهدي العمي للطلب؟!
لا والذي خلق الأفلاك جاريةً
على مداررسول الله في رتب
آل الرسول شموسٌ ليس يحجبها
غيمٌ تلبّده دنيا أبي لهب
حقيقة الكون من ظلمائها انسلخت
بنورهم لا بنورالسبعة الشّهب
هم أهل ودّي ولا أرضى بدلاً
ماضٍ إليهم ولو حبواً على ركبي
قطّاع أودية العشّاق ما برحت
خناجرالبغض منهم في يد الغضب
لا أستكين وإن جذّ الزمان يدي
وعضّ قلبي ناب الدهربالنّوب
لم يلو منّي عنان الصدق منتهراً
سوطٌ تربّى بأيدي سائس الكذب
لوالأعاصيرجنّت من تغيّظها
فإنني في هواهم غيرمضطرب
كنخلةٍ في ربى الأحساء صامدةٍ
ماء الولاية روّاها فلم تعب
غرست في تربةٍ طه تكفّلها
فكيف يجتثّني الإعصارمن تربي؟!
مغارس النّخل في أرضٍ منافقةٍ
لا تعجبنّ إذا اجتثّت بكفّ صبي!
وبعد هذه المقدمة ينقلنا الأديب المعاصرالأخ جابرالحبيب الى رحاب مولانا الإمام محمد الجواد- عليه السلام- وهو يطوف بقلوبنا في بحرالعطاء الإلهي وليد العاشرمن رجب الولاية باعثاً فينا شوق زيارته وهو- عليه السلام- باب المراد، قال هذا الأديب مشيراً الى زوال الهم والحزن بذكرابن الرضا- عليهما السلام:-
أثكلت والدة الأحزان مذ ولدت
آيات أنسي مع المولود في رجب
لكنني عن ربيع الوصل منقطعٌ
شدّ الزمان برمضاء النّوى طنبي
متى تخفّ ظعوني نحو مربعه
لأستعين على الرمضاء بالسّحب
طال انتظاري مع الأيام وانبسطت
أحلام عمري على سفحٍ من الحقب
والودّ منسرحٌ يحدو مسيرته
شوقٌ مديد الأماني غيرمقتضب
شوقٌ يضارع في إيقاعه فرسي
من سرعة العدو كلٌّ قادح اللهب
فإن كبا فرس الأشواق من خببٍ
تداركته يد الآمال في خبب
يا زائراً تربةً حلّ الفخاربها
وقبّةً جعلت من أروع القبب
اهزج رعيت إذا أبصرتها شرفاً
تلوح في مسرح الآفاق واقترب
فإنّ قبّته في حسن طلعتها
عروسةً خلت في أثوابها القشب
في صدرها انتظمت للناس أفئدةٌ
لتستدرّرضا الرّحمن من كثب
واخلع نعالك بالوادي المقدّس من
تلك البقاع فقد يمّمت ذا نسب
ابن النبيّ التّهاميّ الذي خضعت
لدينه جبروت العجم والعرب
وابن البتول التي طابت مناقبها
وابن القسيم وساقي الكوثرالعذب
فاسجد على عتبات القدس خاضعةً
منك الجوارح عند السيّد العربي
واطبع شفاهك في شبّاك حضرته
ختماً كما تطبع الأختام في الكتب
رزقنا الله وإياكم أيها الأعزاء زيارة مولانا الإمام الجواد وسائرأهل بيت الرحمة المحمدية- عليهم السلام- وحبنا ببركاتهم في الدنيا والآخرة اللهم أمين، وبهذا ننهي من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لقاء اليوم من برنامجكم ( مدائح الأنوار) قرأناها لكم فيها شطراً من قصيدة ولائية للأديب المعاصرالدكتورجابرالحبيب، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.