بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ذي الجلال والإكرام وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على رحمته الكبرى الحبيب المصطفى وآله النجبا.
السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء…
حفلت دواوين الأدباء من شيعة أهل البيت- عليهم السلام- بالكثيرمن المدائح النبوية الرائقة يميزها عن مدائح غيرهم، جامعيتها في إستلهام قيم الإسلام الدين الحق من سيرة النبي الأكرم- صلى الله عليه وآله.
وهذا ما نلمحه بوضوح في المديحة التي إخترناها لهذا اللقاء وعنوانها(في رحاب الرسول) وقد أنشأها الخطيب الحسيني الجليل العالم الأديب المرحوم الشيخ أحمد الوائلي، وقد تفجرت بها قريحته أثناء زيارته للمشهد النبوي المبارك في المدينة المنورة سنة ۱۹۷٦ ميلادية، ونلتقي بالشيخ الوائلي في هذه المديحة وهو يعبر عن مشاعر المودة العميقة التي تملأ قلوب أتباع مدرسة الثقلين تجاه الحبيب المصطفى وعظيم فرحهم بزيارته والتقرب الى الله عزوجل بأداء حقوقه _صلى الله عليه وآله_.
إفتتح المرحوم الوائلي مديحته المحمدية قائلاً:
أتيتك بالأشواق أطفو وأرسب
وكلّي آمال وكلّك مطلب
ملكت على بعد الدّيار مشاعري
فأنت إلى ذهني من الفكر أقرب
إلى أن دنت منّي الدّيار وأصبحت
قبابك في عيني تهلّ وتغرب
تلاشت حدودي في حدودك والهوى
توحّد أشتات به وتذوّب
فعدت وما إلّاك عند مشاعري
فأنت بها فكر ودين ومذهب
قطعت إليك البيد شاسعة المدى
إليك ودربٌ للحبيب محبب
ولاح عليه رسم أخفاف ناقة
غزوت عليها يوم لله تغضب
وقافلة ما زال رجع حدائها
يغرّد في بدرٍ وأحدٍ ويطرب
عليها من الصّحب الكرام عزائمٌ
إلى الآن بالصّحراء منها تلهّب
يقود بها للفتح فكرٌ معمّقٌ
ويحدو بها للنّصر سيفٌ مجرّب
ولمّا وطأت المسك من أرض طيبة
وهبّ عبير من شذى الخلد أطيب
تخيّلت عشراً من قرونٍ وأربعاً
ستبعد طرفي عن رؤاك وتحجب
ولكن رأيت الأمس عندي بسحره
ثريّ كما يهوى الجلال ويطلب
كأنّ السّنين الذّاهبات وبعدها
مراياً بها تدنو إليّ وتقرب
ولملمت طرفي من سناك ولمعه
كذا الشمس تعشو العين منها وتتعب
وهوّمت للأصداء تسكر مسمعي
بأنغامها فالدّهر هيمان مطرب
وفي جانب آخر من مديحته المحمدية يخاطب عميد المنبر الحسيني النبي الأكرم_صلى الله عليه وآله_ متوسلاً به الى الله عزوجل ومستلهما منه قيم النجاة والفلاح، قال _رضوان الله عليه_:
سماحاً أبا الزّهراء أن جئت أجتلي
سناك وأستهدي الجلال وأطلب
إذا لم تؤمل فيض نورك ظلمتي
فمن أين يرجو جلوة النّور غيهب
وإن لم يلج ذنبي ببابك خاشعا
فمن أين يرجو رحمة الله مذنب
ومثلك من أعطى ومثلي من اجتدى
فإنّ السّما تنهّل والأرض تشرب
وما عند باب الأنبياء معرّة
فليس على من أمّ بابك معتب
أهبت بنقصي فاستجار بكاملٍ
إلى ذاته ينمى الكمال وينسب
وأغرى طلابي أنّ فيض معينه
مدى الدّهر ثرّما يجفّ وينضب
وعفّرت خدّي في ثرىً مسّ عفره
لجبريل من جنحيه ريشٌ مزغّب
وفيه محاريبٌ لآل محمّدٍ
بهنّ ضراعاتٌ إلى الله تنصب
وآثار أقدام صغارٍ ومهجع
إلى الحسنين الزّاكيين وملعب
وصوت رحى الزّهراء تطحن قوتها
إلى جلد كبشٍ حيث تجلس زينب
رؤى سوف يبقى الدّهر يروي جلاها
وتبقى على رغم البساطة تأشب
عهدتك والقرآن نور وحكمة
يشد إليه تائهين ويجذب
وأنت عطاءٌ كلّما احتاجت الدّنا
إلى مكسبٍ منه تولّد مكسب
فما بالنا لا نجتليك بتيهنا
وأنت لنا نبعٌ وروضٌ مخصّب
فقد يكتفي في تافه الزّاد كاسلٌ
لانّ كريم الزّاد مأتاه متعب
فهبنا أبا الزّهراء قوتاً فلم يعد
بمزودنا ما يستطاب ويعذب
وردّ لنا هذا الأصيل لفجرنا
إلى النبع يهمي النّور ثرّاً ويسكب
وسدّد خطانا بالطّريق فدربنا
طويل على أقدامنا متشعّب
كانت هذه إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران أبياتاً منتخبة من مديحة(في رحاب الرسول) التي أنشأها الخطيب الحسيني الخالد العالم الجليل والأديب البارع المرحوم الشيخ أحمد الوائلي_رضوان الله عليه_ وقد قرأناها لكم في لقاء اليوم من برنامجكم(مدائح الأنوار)، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.