بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد أجود الأجودين وأكرم الأكرمين تبارك وتعالى رب الخلائق أجمعين، وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على رحمته العظمى للعالمين محمد الأمين وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين... مما لا شك فيه أيها الأعزاء أن لإنشاء وإنشاد الشعر الصادق في أولياء الله عزوجل عظيم الأثر في تقوية مودتهم ومحبتهم في القلوب وبالتالي في ترغيب النفوس في الإقتداء بهم واتباعهم وفي ذلك الفوز بحب الله عزوجل كما يصرح به القرآن الكريم في قوله عز من قائل في الآية الحادية والثلاثين من سورة آل عمران: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم".
وهذه الثمرة العظيمة نحصل عليها من مدائح الأنوار الإلهية ومنهم سابع أئمة العترة المحمدية مولانا باب الحوائج موسى الكاظم (صلوات الله عليه) فتابعونا أيها الأحباء ونحن نقرأ لكم بعض ما قاله أدباء الولاء في مدحه (سلام الله عليه).
نبدأ إخوة الإيمان بما أنشأه العالم الجليل والأديب الجزل الشيخ موسى محي الدين رضوان الله عليه وهو من أعلام حوزة النجف الأشرف والمتوفى فيها سنة خمس وثمانين ومئتين وألف للهجرة.
قال رحمه الله مخاطباً باب الحوائج الإمام الحليم موسى الكاظم (عليه السلام):
يا كاظم الغيظ يا جد الجواد ومن
عمت جميع بني الدنيا مكارمه
ومن غدا شرع خير المرسلين به
سامي الذرى وبه شيدت دعائمه
الحق لولاك ما بانت حقائقه
والشرع لولاك ما قامت قوائمه
وفيك ينكشف الكرب العظيم إذا
جاشت علينا بلا جرم قشاعمه
إمام حق أبان الحق وانتشرت
أفعاله الغر مذ نيطت تمائمه
فعالم الدين خير الناس عالمه
وكاظم الغيظ خير الناس كاظمه
مولى غدا من رسول الله عنصره
أكرم به عنصراً طابت مكارمه
به وآبائه زان الوجود وفي
أبنائه الغر قد شيدت معالمه
من أم مغناك يا أزكى الورى نسباً
للازم كيف لا تقضى لوازمه
فيا خليلي والخل الخليل إذا
حبا الخليل بأسنى ما يلائمه
لا تحسبن كل شوق يدعى عبثاً
فالشوق إن هاج لا تخفى معالمه
ولا تلوما إذا ما رحت ذا كلف
والدمع من مقتلي فاضت سواجمه
أنا المشوق المعنى بازدياد حمى
موسى بن جعفر صب القلب هائمه
فعلّلا قلبي العاني الضعيف به
فإن في ذكره تقوى عزائمه
كانت هذه بعض الأبيات الوجدانية التي أنشاها العالم الجليل الشيخ موسى محي الدين في مودة الإمام الصابر موسى الكاظم (عليه السلام)، أما الآن فنقرأ لكم أبياتاً للخطيب الحسيني المخلص والشاعر الولائي المبدع السيد صالح الحسيني القزويني من أعلام خطباء مدينة الحلة وعلمائها في القرن الهجري الرابع عشر.
وقال (رضوان الله عليه) من قصيدة رثائية يمكن أن نضع لها عنواناً هو:
(ليس الرشيد رشيداً والمأمون مأموناً) قال:
اعطف على الكرخ من بغداد وأبك بها
كنزاً لعلم رسول الله مخزونا
موسى بن جعفر سر الله والعلم الـ
مبين في الدين مفروضاً ومسنونا
باب الحوائج عند الله والسبب الـ
موصول بالله غوث المستغيثينا
الكاظم الغيظ عمن كان مقترفاً
ذنباَ ومن عم بالحسنى المسيئينا
يابن النبيين كم أظهرت معجزة
في السجن أزعجت في الرجس هارونا
وكم بك الله عافى مبتلى وكم
شافى مريضاً وأعنى فيك مسكينا
لم يلهك السجن عن هدي وعن نسك
إذ لا تزال بذكر الله مفتونا
وكم أسروا بزاد أطعموك به
سماً فأخبرتهم عما يسرونا
وللطبيب بسطت الكف تخبره
لما تمكن منها السم تمكينا
بكت على نعشك الأعداء قاطبة
ما حال نعش له الأعداء باكونا
راموا البراءة عند الناس من دمه
والله يشهد ما كانوا بريئينا
كم جرعتك بنو العباس من غصص
تذيب أحشاءنا ذكراً وتشجينا
قاسيت ما لم تقاس الأنبياء وقد
لاقيت أضعاف ما كانوا يلاقونا
أبكيت جديك والزهراء أمك
والأطهار آبائك الغر الميامينا
طالت لطول سجود منه ثفنته
فقرحت جبهة منه وعرنينا
رأى فراغته في السجن منيته
ونعمة شكر الباري بها حينا
يا ويل هارون لم تربح تجارته
بصفقة كان فيها الدهر مغبونا
ليس الرشيد رشيداً في سياسته
كلا ولا ابنه المأمون مأمونا
تالله ما كان من قربى ولا رحم
بين المصلين ليلاً والمغنينا
لهفي لموسى بهم طالت بليته
وقد أقام بهم خمساً وخمسينا
يزيدهم معجزات كل اونة
ونائلاً وله ظلماً يزيدونا
لم يحفظوا من رسول الله منزلة
ولا لحسناه بالحسنى يكافونا
باعوا لعمري بدنيا الغير دينهم
جهلاً فما ربحوا دنيا ولا دينا
في كل يوم يقاسي منهم حزناً
حتى قضى في سبيل الله محزونا
سلام الله على مولانا باب الحوائج موسى الكاظم يوم ولد طيباً مباركاً ويوم استشهد في سبيل الله مظلوماً صابراً محتسباً ورزقنا مودته واتباعه وزيارته وشفاعته وجزى الله خيراً آية الله السيد صالحا القزويني الحلي على هذه الأبيات المؤثرة في مدحه (صلوات الله عليه).
وجزاكم الله خيراً أيها الاخوة والأخوات على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.