بسم الله وله عظيم الحمد وجميل الشكر إذ أنار قلوبنا وأرواحنا بأنوار محبة ومودة رحمته الكبري للعالمين محمد وآله الطاهرين أزكي صلواته عليهم أجمعين.
السلام عليكم أخوتنا المستمعين.
من السلوكيات الفطرية لدي الإنسان، أنه إذا امن بشيء عن اقتناع ويقين وأدلة سلمية، افتخر به واعتز بإيمانه به، وهذه الحقيقة تصدق بأسمي مراتبها علي موالاة أهل بيت النبوة عليهم السلام لأنها موالاة تنطلق من مئات الأدلة القرآنية والروائية والعقلية، ولذلك نجد أدباء الولاء الصادقين يعتزون ويفتخرون بها، كما يتجلي ذلك في الأشعار التي اخترناها لهذا اللقاء من ديوان الأديب الولائي الحكيم والوزير الشهيد أبي الغارات طلائع بن رزيك الملقب بالملك الصالح وأصله من العراق ودخل مصر في زمن الدولة الفاطمية وصار وزيرا للخليفة الفائز بالله الفاطمي، واستشهد سنة ست وخمسين وخمسمئة للهجرة رضوان الله عليه.
قال الأديب الفارس والوزير الحكيم طلائع بن رزيك:
من الأحباب قربني ولائي
ومن أعداي برأني برائي
ألا إني اتجرت فكان بيعي
لغير أئمتي ولهم شرائي
جريت إليهم طلقا عناني
وخلفت السوابق من ورائي
ولما صح لي بهم اعتقادي
بنور هداهم استوفقت رائي
ألا إني لأهل البيت عبد
مطيع ليس يجنح للإباء
بهم نلت السعادة يا شقي
وكم بين السعادة والشقاء
ففي آل النبي نظمت مدحي
وشنفت المسامع من ثنائي
شربت ودادهم نهلا وعلا
وها أنا وارد ورد الظماء
نجوم يهتدي الساري إليها
بها عند الصباح وفي المساء
أناروا من دياجي الليل حتي
تبدي الأفق في ثوب الضياء
فأهل البيت في الدارين ذخري
وأهل البيت كنزي في الرخاء
وهم لي حين أظعن خير زاد
وإن أمرض فذكرهم شفائي
أحب إلي من بصري وسمعي
ومالي والمسرة في بقاء
جفوت لو إنني قد ملت عنهم
وليس يميل طبعي للجفاء
علي أعدائهم مني شهاب
تودع ناره أيدي الهواء
فيا شرفي بأن قد صرت منهم
علي قرب وإن سواي نائي
سددت عن الذئاب الطلس سمعي
عشية إذ تهادت في العواء
فها أنا إن يمت أملي لقوم
وعدت بذكرهم أحيوا رجائي
فلي بولاء أهل البيت نصر
لدي الهيجاء معقود اللواء
دعوت بجاههم في كل بلوي
فعاد ممزقا ثوب البلاء
فلست أبيع ودهم بدنيا
تسح علي أنواع العطاء
ولوبعت اليقين بهم بشك
لكان حقيقة الداء العياء
فلي نسبان من رزيك بدؤ
وثان بانتسابي للولاء
وفي قصيدة ولائية ثانية قال الأديب طلائع بن رزيك رحمه الله مفتخرا بتشيعه:
أنا من شيعة الإمام علي
حرب أعدائه وسلم الولي
أنا من شيعة الإمام الذي ما
مال في عمره لفعل دني
أنا عبد لصاحب الحوض ساقي
من توالى فيه بكأس روي
أنا عبد لمن أبان لنا المشكل
فارتاض كل صعب أبي
والذي كبرت ملائكة الله
له عند صرعة العامري
الإمام الذي تخيره الله
بلا مرية أخا للنبي
قسما ما وقاه بالنفس لما
بات في الفرش عنه غير علي
ولعمري إذ حل في يوم خم
لم يكن موصيا لغير الوصي
المبري من كل عيب وريب
والمسوي بغير نقص وعي
فبه قد هداني الله للحق
فما لي ورأي كل غوي
خفي الفضل في سواه وأما
فضله في الوري لغير خفي
وإذا أظلمت حنادس خطب
كنت منه علي رجاء مضي
وأنا منذ كنت أسعي لساداتي
علي منهج الصراط السوي
يا ضعيف اليقين إن اعتقادي
في علي علي يقين قوي
أنا في القول لا أطيع غويا
إذ مطيع الغوي نفس الغوي
ذكر آل النبي عندي كالبشري
وذكري سواهم كالنعي
قد جري حبهم بجسمي كما احتلمت
مجاري الرضاع جسم الصبي
أنا أسخو بالمال لكن بديني
أن تأملتني فغير سخي
في ولائي أبري من الظالم
الغاشم فاسكن إلي ولي بري
من دعاني إلي الأئمة أسرعت
إليه ولم أكن ببطي
وإذا ما خيار قومي رضوا
عني لم أحتفل بغير رضي
رحم الله الأديب الفارس والوزير الفاطمي الحكيم طلائع بن رزيك علي روح الإعتزاز والإفتخار بالدين الحق التي تتجلي في أشعاره التي قرأناها لكم في هذا اللقاء من برنامج (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران.
دمتم بكل خير والسلام عليكم.