بسم الله وله المجد نور السموات والأرضين وله عظيم الحمد والشكر إذ جعلنا من أهل مودة أحب خلقه إليه محمد وآله الطيبين صلواته وسلامه عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات...
مودة أهل بيت النبوة _ عليهم السلام _ هي مفتاح كل خير ورحمة لأنها تحبّب لمحبهم الفضائل والطاعات فيقبل عليها، ولذلك فقد جعلها الله عزوجل أهم أوامره للمؤمنين فيما يرتبط بالعترة المحمدية الطاهرة وأمر رسوله الكريم _ صلي الله عليه وآله _ أن يطلبها من أمته أجرا لرسالته يكون نفعه للمؤمنين أنفسهم لأن الله قد أغنى رسوله من فضله.
ولأهمية هذه المودة فقد شكلت واحدا من أهم أغراض الشعر الولائي، وقد اخترنا لهذا اللقاء نموذجين لهذا النمط، الأول لشاعر الولاء في القرن الهجري الثاني الأديب الشهير السيد الحميري، والثاني لأديب فقيه من القرن الهجري الثالث عشر الشيخ إبراهيم صادق الطيبي صاحب المنظومة في فقه الإمامية المولود في قرية طيبة بجبل عامل في لبنان سنة ۱۲۲۱ للهجرة والمقيم في النجف الأشرف على مدى سبعة وعشرين عاما نهل فيها من بحر معارفها الإسلامية، وقد توفي سنة ۱۲۸٤ رضوان الله عليه.
نبدأ بالقصيدة التالية التي أنشأها السيد الحميري أبوهاشم إسماعيل محمد المتوفى سنة اثنتين وسبعين ومئة للهجرة، قال _ رضوان الله عليه _:
ولقد عجبت لقائل لي مرة
علامة فهم من الفهماء
أهجرت قومك طاعنا في دينهم
وسلكت غير مسالك الفقهاء
هلا فرجت بحب آل محمد
حب الجميع فكنت أهل وفاء
فأجبته بجواب غير مباعد
للحق ملبوس عليه غطائي
أهل الكساء أحبتي فهم اللذين
فرض الإله لهم علي ولائي
ولمن أحبهم ووالى دينهم
فلهم علي مودة بصفاء
والعاندون لهم عليهم لعنتي
واخصهم مني بقصد هجاء
ولقد عجبت لقائل لي مرة
علامة فهم من الفقهاء
سماك قومك سيدا صدقوا به
أنت الموفق سيد الشعراء
ما أنت حين تخص آل محمد
بالمدح منك وشاعر بسواء
مدح الملوك ذوي الغني لعطائهم
والمدح منك لهم لغير عطاء
فابشر فإنك فائز في حبهم
لوقد غدوت عليهم بجزاء
ماتعدل الدنيا جميعا كلها
من حوض أحمد شربة من ماء
رزقنا وإياكم إخوة الإيمان الإرتواء من حوض الكوثر المحمدي ببركة التمسك بمودة وولاية أهل بيت النبوة _ صلوات الله عليهم أجمعين _.
أما الآن فنعطر قلوبنا بهذه الأبيات الولائية المنتخبة من قصيدة لشاعر جبل عامل الشيخ إبراهيم صادق الطيبي حيث قال رضوان الله عليه:
إليكم نفثة صب ما سلا
على النوى عهدكم ولا قلا
وهاكم جذوة صدر قبست
من جمر أحشاء المغنى شعلا
أحبتي ما بنت عن ربعكم
متخذا في الناس عنكم بدلا
كلا ولاارتضيت لي سوي الحمى
لا والحمى والساكنيه منزلا
وبالرضا لاوالرضا لم أبغ عن
دار بها حل الرضا تحولا
ياجيرة المثوى الذي أرجاؤه
معقل نور الأنجبين النبلا
إن بان عنكم منزلي فأنتم
بين ضلوعي لن تزالوا نزلا
أوشط جسمي عنكم فمهجتي
لديكم لم تبغ عنكم حولا
وإن أكن فضلت يوما معشرا
عليكم فلا عرفت الأفضلا
وإن عقلت بسوي حماكم
رواحلي ما كنت ممن عقلا
أأسكن الشام ومن واليتهم
في النجف الأعلى وطف كربلا
أأرتضي بعد ولائي لهم
بعدا إذا كذبت في دعوي الولا
هذا وإن أصبحت ممنوع المنى
بحل أثقال العنا موكلا
فلي أسا مهما عراني من أسى
بخيرة الخالق من هذا الملا
أئمتي وسادتي وقادتي
إلي النجاة آخرا وأولا
فإنهم هم لا سواهم جرعوا
من مضض الأيام كأسا ما حلا
بلى وهم قد أخرجوا من دارهم
وأنزلوا في دار كرب وبلا
جلت رزاياهم وللحشر غدت
تضرب أهل الأرض فيها المثلا
كم من دم زاك لهم محرم
أصبح في محرم محللا
قد كنت أرضي مع جواري لهم
بالخفض عن رفع الورى معتزلا
فكيف بي وقد أرى جوارهم
أحلني أرفع غايات العلى
كانت هذه أيها الإخوة والأخوات أبيات مختارة في مودة العترة المحمدية أنشأها الأديب الولائي الصادق العالم الفقيه إبراهيم صادق الطيبي من أعلام جبل عامل في القرن الهجري الثالث عشر نشكر لكم طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج مدائح الأنوار استمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.