بسم الله وله كامل الحمد والثناء أن جعلنا من أهل مودة الوسائل التي أمرنا الله بالتقرب بها إليه عزوجل المصطفى الأمين وآله الطاهرين عليهم صلوات الله وبركاته أجمعين. السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله، أهلا بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج إخترنا لكم فيه مقاطع في مدح الوصي المرتضى عليه السلام، من إنشاء اثنين من العلماء المحدثين هما بكر القيرواني من القرن الهجري الثالث وأبو عبد الله محمد الكاتب البصري من القرن الرابع، كونوا معنا.
قال العلامة السيد محسن الأمين رحمه الله في موسوعته (أعيان الشيعة) عن الشاعر الأول في هذا اللقاء: هو بكر بن حماد التاهرتي القيرواني أبو عبد الرحمن، هو من حفاظ الحديث وثقات المحدثين المأمونين. له قصيدة يرثي فيها أمير المؤمنين عليه السلام ويرد على عمران بن حطان الخارجي في رثائه لعبد الرحمن بن ملجم. توفي بتلعون في المائة الثالثة للهجرة رحمة الله عليه.
قال الحافظ بكر بن حماد التاهرتي رحمة الله عليه في قصيدته التي رد فيها على مدح الخارجي عمران بن حطان لقاتل أمير المؤمنين عليه السلام:
قل لابن ملجم والأقدار غالبة
هدمت ويلك للإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدم
وأول الناس إسلاما و إيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثم بما
سن الرسول لنا شرعا وتبيانا
صهر النبي ومولاه وناصره
أضحت مناقبه نورا وبرهانا
وكان منه على رغم الحسود له
ما كان هارون من موسى بن عمرانا
وكان في الحرب سيفا صارما ذكرا
ليثا إذا لقي الأقران أقرانا
ذكرت قاتله والدمع منحدر
فقلت سبحان رب الناس سبحانا
إني لأحسبه ما كان من بشر
يخشى المعاد ولكن كان شيطانا
أشقيى مراد إذا عدت قبائلها
وأخسر الناس عند الله ميزانا
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت
على ثمود بأرض الحجر خسرانا
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها
قبل المنية أزمانا فأزمانا
فلا عفا الله عنه ما تحمله
ولا سقيى قبر عمران بن حطانا
لقوله في شقي ظل مجترما
ونال ما ناله ظلما وعدوانا
يا ضربة من تقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بل ضربة من غوي أوردته لظى
فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا
كأنه لم يرد قصدا بضربته
إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا
كانت هذه إخوتنا المستمعين قصيدة الحافظ بكر القيرواني من محدثي القرن الهجري الثالث في مدح الوصي المرتضي عليه السلام، أما الأديب العالم الثاني وهو وكما عرفه العلامة الأميني في موسوعة الغدير :أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب النحوي البصري، الملقب بالمفجع، أوحدي من رجالات العلم و الحديث، مدحه أصحابنا الإمامية بحسن العقيدة وسلامة المذهب وسداد الرأي، وقد أكثر في شعره الثناء على أهل البيت عليهم السلام والتفجع لما انتابهم من المصائب والفوادح، ولذا لقبه مناوئوه المتنابزون بالألقاب بالمفجع، وكان شاعر البصرة وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة فيكتب عنه ويقرأ عليه الشعر واللغة والمصنفات، وشعره مشهور، ولد المفجع بالبصرة، وتوفي بها سنة (۳۲۷ للهجرة)، رضوان الله عليه.
قال رحمه الله في إحدى قصائده الولائية الإحتجاجية:
إن عهد النبي في ثقليه
حجة كنت عن سواها غنيا
نصب المرتضى لهم في مقام
لم يكن خاملا هناك دنيا
علما قائما كما صدع البدر
تماما دجنة أودجيا
قال: هذا مولى لمن كنت مولاه
جهارا يقولها جهوريا
وال يا رب من يواليه وانصره
وعاد الذي يعادي الوصيا
أن هذا الدعا لمن يتعدى
راعيا في الأنام أم مرعيا
لا يبالي أمات موت يهود
من قلاه أو مات نصرانيا
من رأى وجهه كمن عبد الله
مديم القنوت رهبانيا
كان سؤل النبي لما تمنى
حين أهدوه طائرا مشويا
إذ دعا الله أن يسوق أحب
الخلق طرا إليه سوقا وحيا
فإذا بالوصي قد قرع
الباب يريد السلام ربانيا
فثناه عن الدخول مرارا
أنس حين لم يكن خزرجيا
وذخيرا لقومه وأبى الرحمان
إلا إمامنا الطالبيا
ورمى بالبياض من صد عنه
وحبا الفضل سيدا أريحيا
مستمعينا الأفاضل نبقى أن نشير إلى توضيح مختصر لما ورد في المقطع الأخير من أبيات الأديب المحدث الكاتب أبي عبد الله محمد بن إحمد النحوي البصري، وهو أن فيه إشارة إلى ما رواه المؤرخون من أن أنساً خادم النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، حاول منع دخول الوصي المرتضى عليه السلام، في حادثة الطائر المشوي المشهورة التي رواها محدثو الفريقين لأنه أراد أن يكون هذا الإفتخار من نصيب واحد من قومه من الأنصار بدافع العنصرية القبلية .
أما البيت الأخير ففيه إشارة إلى عاقبة أنس إذ عاقبه الله عزوجل بظهور بياض قبيح في رأسه لا تستره العمامة عندما رفض أن يشهد لأمير المؤمنين عندما استشهده أيام خلافته عليه السلام بشأن حديث الغدير، فدعا الوصي المرتضى بأن يظهر الله عزوجل عليه ما لا تستره العمامة عقابا على كتمانه الشهادة. فاستجاب الله دعاء وليه سيد الوصيين عليه السلام. وبهذه الملاحظة ننهي إخوتنا مستمعي إذاعة طهران حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته عزوجل.