بسم الله وله الحمد رب العالمين وأزكى صلواته وتحياته على صفوته من الخلائق أجمعين محمد وآله الطيبين. السلام عليكم اخوة الايمان، معكم ولقاء آخر مع مدائح الأنوار الإلهية، وقد إخترنا لكم فيها نماذج منها تعبر عن صدق الولاء للعترة المحمدية والثبات عليه لأنه ولاءٌ امر به الله عزوجل. وهذه النماذج لشاعرين الأول شهيد ضحى بحياته في سبيل نشر كلمة الحق هو الأديب الشهيد أبو محمد عبدالله البرقي، والثاني هو، أبو الحسن السري الرفاء الموصلي رضوان الله عليهما.
نبدأ اولاً بتعريف مختصر للشاعر الشهيد أبو محمد عبدالله بن عمار البرقي، وقد قتل سنة ۲٤٥، وذلك أنه وشي به الى المتوكل وقرئت له قصيدة البرقي النونية في مدح العترة المحمدية فأمر الطاغية بقطع لسانه واحراق ديوانه، ففعل به ذلك، فمات شهيداً رضوان الله عليه. اما قصيدته النونية المشار اليها والتي إبتدأها بقوله: (ليس الوقوف على الأطلال من شاني) فقد قال فيها عن الوصي المرتضى عليه السلام:
فهو الذي امتحن الله القلوب به
عما يجمجمن من كفرٍ وايمان
وهو الذي قد قضى الله العلي له
ان لا يكون له في فضله ثاني
وان قوما رجوا إبطال حقكم
أمسوا من الله في سخط وعصيان
لن يدفعوا حقكم الا بدفعهم
ما انزل الله من آي وقرآن
فقلدوها لأهل البيت انهم
صنو النبي وانتم غير صنوان
كانت هذه إخوة الإيمان بعض أبيات القصيدة النونية التي أنشأها الشاعر الشهيد أبو محمد عبدالله بن عمار البرقي، الذي قتله الطاغية المتوكل العباسي بسببها. وننقلكم الآن أيها الإخوة والأخوات الى شاعرٍ ولائي آخر من راسخي الإيمان هو: أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الرفاء الموصلي، المعروف بالسري الرفاء الشاعر المشهور. توفي رحمة الله سنة ۳٤٤، وقد أثنى عليه مترجموه وذكروا ثباته على موالاة أهل بيت النبوة ومودتهم عليهم السلام، جاء في ملحق فهرست ابن النديم ص٦: كان السري الرفاء جاراً لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني من شيوخ المعتزلة بسوق العطش، وكان كثيراً ما يجتاز بالرماني وهو جالس على باب داره فيستجلسه ويحادثه، يستدعيه الى أن يقول بالاعتزال، وكان السري يتشيع فلما طال ذلك عليه أنشد ألابيات التالية التي حذفها المحرفون من ديوانه المطبوع وهي قوله رحمه الله:
أقارع أعداء النبي وآله
قراعا يفل البيض عند قراعه
واعلم كل العلم ان وليهم
سيجزي غداة البعث صاعا بصاعه
فلا زال من والاهم في علوه
ولا زال من عاداهم في اتضاعه
ومعتزلي رام عزل ولايتي
عن الشرف العالي بهم وارتفاعه
فما طاوعتني النفس في أن أطيعه
ولا أذن القرآن لي في اتباعه
طبعت على حب الوصي ولم يكن
لينقل مطبوع الهوى عن طباعه
أيها الأخوة والأخوات، ولأبي الحسن السري الرفاء الموصلي مديحة ولائية للعترة المحمدية يقول في بعض أبياتها:
نمضي ونترك من ألفاظنا تحفا
تنسي رياحينها الشرب الرياحينا
وما نبالي بذم الأغنياء إذا
كان اللبيب من الأقوام يطرينا
ورب غراء لم تنظم قلائدها
الا ليحمد التمدح فيها الفاطميونا
الوارثون كتاب الله يمنحهم
ارث النبي على رغم المعادينا
والسابقون الى الخيرات ينجدهم
عتق النجار إذا كل المجارونا
قوم نصلي عليهم حين نذكرهم
حبا ونلعن أقواما ملاعينا
إذا عددنا قريشاً في أباطحها
كانوا الذوائب فيها والعرانينا
أغنتهم عن صفات المادحين لهم
مدائح الله في طاها وياسينا
فلست أمدحهم الا لأرغم في
مديحهم أنف شانيهم وشانينا
أقام روحٌ وريحانٌ على جدثٍ
ثوى الحسين به ظمآن مطعونا
كأن أحشاءنا من ذكره ابدا
تطوى على الجمر أو تحشى السكاكينا
مهلا فما نقضوا آثار والده
وانما نقضوا في قتله الدينا
آل النبي وجدنا حبكم سببا
يرضى الاله به عنا ويرضينا
فما نخاطبكم الا بسادتنا
ولا نناديكم الا موالينا
فكم لنا من معاد عدو في مودتكم
يزيدكم في سواد القلب تمكينا
وكم لنا من فخار في مودتكم
يزيدها في سواد القلب تضمينا
ومن عدو لكم مخف عداوته
الله يرميه عنا وهو يرمينا
إن أجر في مدحكم جري الجواد فقد
أضحت رحاب مساعيكم ميادينا
وكيف يعدوكم شعري وذكركم
يزيد مستحسن الاشعار تحسينا
كانت هذه ايها الاخوة والأخوات أبياتاً مختارة من أحدى القصائد المعبّرة عن صدق المودة والولاء للعترة المحمدية الطاهرة، أنشأها الشاعر الولائي الصادق أبو الحسن السري الرفاء الموصلي، من إدباء القرن الهجري الرابع رضوان الله عليه، نشكر لكم طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (مدائح الأنوار)، قدمناها لكم من إذاعة طهران دمتم بكل خير وفي أمان الله سبحانه.