بسم الله وله أعظم الحمد والشكر على أن رزقنا مودة وموالاة أحب خلقه إليه وأنفعهم لخلائقه أجمعين المصطفى الأمين وآله الطاهرين. السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وأهلاً بكم في حلقة اُخرى من هذا البرنامج نخصصها لمختارات من شعر مودة أهل البيت عليهم السلام من قرون الإسلام الأولى، وقد سجل شعراء الإسلام منذ عهد الرعيل الأول وإلى اليوم آيات الولاء والحب التي تكنها قلوبهم وضمائرهم وتعتلج في صدورهم تجاه النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الأطهار عليهم السلام، مؤكدين اصالة هذا المبدأ العقائدي وإلهيته ومبينين أهم آثاره ومعطياته. ولا ريب أن أول شعراء الإسلام شيخ البطحاء وعم سيد الأنبياء أبا طالب رضي الله عنه، كان في طليعة الشعراء الذين أكدوا إلهية هذا الحب وأصالته حيث قال:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا
نبيا كموسى خط في أول الكتب
وأن عليه في العباد محبة
ولا شك فيمن خصه الله بالحب
وفي هذه الأبيات يجاهر شيخ البطحاء ابو طالب سلام الله عليه، بايمانه بالنبوة المحمدية وإقراره بالرسالة، وصدق ولائه ونصرته وعمق محبته للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، والتي تصل إلى حد الجود بالنفس وهو أقصى غاية الجود، وقد عبر عن ذلك بقوله في أبيات اُخرى رواها المؤرخون من أهل السنة والشيعة:
لعمري لقد كلفت وجداً بأحمد
وأحببته حب الحبيب المواصل
وجدت بنفسي دونه وحميته
ودرأتُ عنه بالذرى والكلاكل
كذبتم وبيت الله نسلم أحمداً
ولما نطاعن دونه ونقاتل
ونسلمه حتى نصرع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
مستمعينا الأكارم، وقال حرب بن المنذر بن الجارود وهو (من أعلام القرن الهجري الأول)، قال في حب أهل بيت النبوة عليهم السلام، مستلهماً قوله من آية سورة الشورى المباركة:
فحسبي من الدنيا كفاف يقيمني
وأثواب كتان أزور بها قبري
وحبي ذوي قربى النبي محمد
فما سُؤلنا إلا المودة من أجر
أما الفرزدق، همام بن غالب التميمي الدارمي، أبو فراس (المتوفى سنة ۱۱۰ هجرية): قال في مطلع قصيدته الميمية التي أنشدها بمحضر هشام بن عبد الملك مادحا الإمام زين العابدين عليه السلام:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
إلى أن قال:
مشتقة من رسول الله نبعته
طابت مغارسه والخيم والشيم
من معشر حبهم دين، وبغضهم
كفر، وقربهم منجى ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم
في كل بدء ومختوم به الكلم
يستدفع الشر والبلوى بحبهم
ويسترب به الإحسان والنعم
ايها الأخوة والأخوات، وقد تناول الشاعر الولائي المبدع الكميت بن زيد الأسدي المتوفى سنة ۱۲٦ هجري قضية مودة العترة المحمدية بتصوير بليغ، فقال في مطلع قصيدته البائية من قصائده المعروفة بالهاشميات:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
ولا لعبا مني وذو الشوق يلعب
ولكن إلى النفر البيض الذين بحبهم
إلى الله فيما نالني أتقرب
خفضت لهم مني جناحي مودة
إلى كنف عطفاه أهل ُ ومرحب
فقل للذي في ظل عمياء جونةٍ
ترى الجور عدلا أين لا أين تذهب
بأي كتاب أم بأية سنة
ترى حبهم عارا علي وتحسب
فما لي إلا آل أحمد شيعة
وما لي إلا مشعب الحق مشعب
يشيرون بالأيدي إلي وقولهم
ألا خاب هذا والمشيرون أخيب
فطائفة قد كفرتني بحبكم
وطائفة قالوا مسيء ومذنب
فما ساءني تكفير هاتيك منهم
ولاعيب هاتيك التي هي أعيب
وجدنا لكم في آل حاميم آية
تأولها منا تقي ومعرب
أناس بهم عزت قريش فأصبحوا
وفيهم خباء المكرمات المطنب
وكما لاحظتم مستمعينا الأفاضل فإن الكميت الإسد ييشير في هذه الأبيات الى آية المودة في سورة الشورى المباركة. وبهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج (مدائح الأنوار)، قدمناها لكم من إذاعة طهران، تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله .