بسم الله وله الحمد على هدايته لموالاة سادات أوليائه المقربين ومجاري رحمته للعالمين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمه الله، أهلاً بكم في لقاءِ آخر من هذا البرنامج نقرأ لكم فيها مقطوعتين لاثنين من شعراء الولاء في القرن الهجري الرابع، الأولى في يوم الغدير عيد الله الأكبر، والثانية في مستند الإعتقاد بامامة أئمة العترة المحمدية صلوات الله عليهم. وشاعرا هذا اللقاء هما ابو الفرج محمد الرازي، وجعفر بن الحسين البغدادي رحمة الله عليهما.
نبدأ بمقطوعة ابي الفرج محمد الرازي ونمهد لها بتعريف مقتضب له، قال العلامة الأميني رحمه الله، في موسوعة الغدير القيمة عن هذا الأديب العالم: هو أبو الفرج محمد بن هندو الرازي. و(آل هندو) من أسر الإمامية الناهضين بنشر العلم والأدب، وفيهم جمع ممن تحلوا بفنون الفضايل، ولهم في الكتابة والقريض قدم وقدم، طفحت بذكرهم المعاجم منهم: أبو الفرج محمد بن هندو مؤسس شرف بيتهم، عدّه ابن شهرآشوب الحافظ الحلبي المازندراني في كتاب (معلم العلماء) من شعراء أهل البيت عليهم السلام المتقين.
قال هذا الأديب العالم رضوان الله عليه عن واقعة الغدير المباركة:
تجلى الهدى يوم الغدير على الشبه
وبرّز إبريز البيان عن الشبه
وأكمل رب العرش للناس دينهم
كما نزّل القرآن فيه فأعربه
وقام رسول الله في الجمع رافعا
بضبع على ذي التعالي من الشبه
وقال: ألا من كنت مولى لنفسه
فهذا له مولى فيا لك منقبه
ونبقى ايها الأخوة والأخوات في أجواء شعر الولاء في القرن الهجري الرابع، قصيدة لأحد الغيارى من شعراء الولاء هو جعفر بن الحسين ردّ فيها على قصيدة لأحد المتملقين للطواغيت من الشعراء هو مروان بن أبي حفصة، قال العلامة الأميني رضوان الله عليه في موسوعة الغدير: حكى القاضي أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي المتوفى سنة ٥٦٥ في شرح قصيدة أبي فراس الميمية المعروفة بالشافعية عن مروان بن أبي حفصة أنه قال: أنشدت المتوكل شعرا ذكرت فيه الرافضة فعهد لي على البحرين واليمامة وخلع علي أربع خلع في دار العامة والشعر هو هذا:
لكم تراث محمد
وبعدلكم تنفى الظلامة
يرجو التراث بنو البنات
وما لهم فيه قلامه
والصهر ليس بوارث
والبنت لا ترث الإمامه
وقد رد الشاعر الولائي جعفر بن الحسين على هذه القصيدة المتملقة لطواغيت بني العباس وذات النزعة الجاهلية بقصيدة تطفح بقيم الحق والولاية الإلهية حيث قال:
قل للذي بفجوره
في شعره ظهرت علامه
ويبيع جهلا دينه
لمضلل يرجو حطامه
من أين أنت لعنت؟ أو
من أين أسرار الإمامه؟!
أظننتها إرث النبي؟
فما أصبت ولا كرامة
إن الإمامة بالنصوص
لمن يقوم بها مقامه
كمقاله في يوم (خم)
لحيدر لما أقامه
من كنت مولاه فذا
مولاه يسمعهم كلامه
سل عنه ذا خبر به
فلتذهبن إذا ندامه
فهو الذي بحسامه
للنقع قد جلى قتامه
إن الإمام لديننا
من شاده وبنى دعامه
في كل معترك إذا
شب الوغى أطفى ضرامه
فتاح خيبر بعد ما
فر الذي طلب السلامه
تالله لو وزن الجميع
لما وفوا منه القلامه
وكما لاحظتم مستمعينا الكرام فإن الشاعر الولائي قد أكد في هذه الأبيات البليغة على أن أساس الإعتقاد بأمامة الوصي المرتضى وسائر أئمة العترة المحمدية صلوات الله عليهم أجمعين تنطلق أساساً من ثبوت النصب الإلهي لهم بالنصوص الصريحة المتواترة وكذلك من قيامهم عليهم السلام عملياً بتشديد دعائم دين الله وحفظه. وبهذه الملاحظة ننهي إخوتنا مستمعي اذاعة طهران حلقة أخرى من برنامج (مدائح الأنوار) شكراً لكم وتقبلوا خالص دعواتنا لكم، ودمتم بكل خير.