بسم الله وله الحمد على عظيم المصاب وأسمى صلواته وتحياته على أصفيائه الأطياب محمد المختارواله الأطهار. السلام عليكم مستمعينا الأكارم، من قصيدة غراء في مدح ورثاء الصديقة الحوراء زينب الكبرى عليها السلام نقرأ لكم أيها الأعزاء أبياتاً تصور بعضاً من أبعاد المصاب الزينبي الجليل الذي لم ليطيقه سواها عليها السلام، والقصيدة هي لأحد الأدباء المعاصرين يقول فيها:
هي زينب صنع الجميل لخلقه
فقد اصطفاها للزكية محرما
هي من حروف السر في قطب الرحى
في فاطمٍ مستودعاً مستعصما
هي زينة المولى على المرتضى
توحيده، هي صبره فيها نما
هي طيب طه، هدي سبطي أحمد
هي دمع أصحاب الكساء ململما
هي آية التطهيرٌ إذ تبكونها
دمعاً طهوراً للنفوس وعاصما
تبكون زينب أم كل مصيبةٍ
جزعاً يصير لكل جرح بلسما
تبكون زينب إذ تقدم للردى
برباطة الجأش الشقيق الأفخما
لما أتى قدس الخيام مودعاً
مسترجعاً، من أهله مستعلما:
من ذا يقدّم لي الجواد بكشفه
عنّي البلا فأجيب ربّي مسلما؟
من ذا يقدّم لي المنية وارثاً
منّي الأمانة آخذاً ومقدّما؟
فاسترجعت بنت البتول وقدّمت
لشقيقها ذاك البراق مطهّما
وتناولت كأس البلاء، وبعضه
قد هدّ من صلب الجبال الأشمما
تبكون زينب وهي تنقل قبلةً
لشقيقها، والقلب ناراً أضرما
كانت أمانة أمّها لثمت بها
صدر الحسين ومنحراً قد ثلّما
تبكون زينب اذ تغالب لوعةَ
جاشت بها لكفيلها إذ قطّما
عبّاسها وقد انحنى لمصابه
ظهر الحسين، فعاد يندب ضيغما
تبكون زينب وهي تسعى في لظى
بين الخيام وصدر والٍ هشما
تبكون زينب وهي تسلب عنوةً
فالكون أمسى فى عزاها مأتما
تبكون زينب وهي تجمع صبية
هاموا شتاتاً في البريّة حوّما
تبكون زينب إذ ترحّل عن ربى
أرض الحسين وقلبها متقسّما
كتقطّع الشهداء أشلاءً غدت
في كربلاء الله نوراً معلما
قلب العقيلة قد توزّع مثلهم
لينير أفئدة النوادب مرهما
هو قلب زينب حلّ فيه إلاهها
فغدا يفيض بجوده متكرّما
تبكون زينب إذ تقاد أسيرةً
وهي التي انقادت لها جند السما
ووثاقها الحبل الذي قادوا به
يوم الرزية مرتضاها الأحلما
ذخروه للحوراء كي يدموا به
في كربلاء الصبر رسغاً مكرما
صبرت كما صبر العميد بسالةً
بوصيّة من ربّه فاستحلما
تبكون زينب وهي تسرى ضمرة
دمها يخضّب رأسها والمعصما
وخضاب معصمها جرى من كفّها
مذ أطفأت نار المخيّم، عندما
طالت سرير عليلها، فبكفّها
سحقت لهيباً قد تأجّج مضرما
تبكون زينب إذ تلظّى متنها
بسياطهم، فالأفق حزناً أظلما
تبكون زينب في ربى كوفانها
إذ أمطروها بالشماتة أسهما
كانت مليكتها، فسيقت مثلما
بالذلّ ساقوا تركها والدّيلما
تبكون زينب إذ يطاف بركبها
ركب الفواطم حسّراً وبها احتمى
تبكونهنّ وهنّ ناموس العلى
يلقى من النّظّار نبلاً سمّما
يتصفّحون وجوههنّ بنظرة
كالملح ماث بجرحهنّ مخذّما
تبكون زينب وهي تحبس أدمعاً
حمراً تلّهب فى الجوى جمراً همى
تبكون زينب وهي تدخل شامهم
واذانهم شتم الوصي، تألما
تبكون زينب، فالدواهي أجبرت
عزّ الهواشم أن تخاطب مجرما
تبكون زينب وهي تودع محسناً
نجل الحسين بجوشن به سنّما
تبكون زينب إذ تشيب لفقدها
بخرابة الشامات زهرة فاطما
تبكون زينب وهي تدخل يثرباً
والصوت من ناعي الحسين تقدمّا:
يا أهل يثرب، لا مقام لكم بها
سبيت عقيلتكم كما تسبى الإما
عادت بلا سبط النبىّ ورهطه
ثكلى تجرّعت المصائب دهّما
تبكون زينب إذ تغادر طيبةً
والقلب من ثخن الجراح تورّما
نفيت فودّعت البتول وجدّها
والمجتبى والبيت ثمّ وزمزما
ثمّ ارتدت إحرامها، وتسلّمت
باقي حنوط شقيقها إذ قسمّا
مسحت على صدر الإمام المبتلى
ففؤادها لفراقه ألم طما
قد ودّع السجّاد عمّته التي
من كفّها ثقل الأمانة سلّما
سلكت مسير السبى ثانيةً ضحى
لتصير راويةَ بها نبعاً سما
تبكون زينب إذ تعود لشامهم
ليكون مثواها مناراً هادما
لعروش آل أميّة في دارها
في بقعة طهرت بسرّك فاطما
مسبى العقيلة كان معراجاً لها
إختاره الرحمن بيتاً معلما
نبكيك مولاتي بدمع ذا جرى
من مهجة، فالعين فاضت بالدما
صلّى عليك الله زينب بكرةً
وعشيةً متحنّناً ومسلّما
تقبل الله منكم إخوة الإيمان طيب الأصغاء للأبيات التي تلوناها لكم من مرثية ومديحة زينبية غراء لأحد أدباء الولاء المعاصرين وبهذا تنتهي حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) قدمناها لكم من إذاعة طهران، دمتم في رعاية الله.