بسم الله وله الحمد نور السموات والارضين الحي القيوم وأزكى صلواته وتحياته على مطالع نوره المبين محمد وآله الطيبين. السلام عليكم أيها الاكارم معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج نصطحبكم فيه مع أشعار الحكمة والولاء الصادق وأبيات مختارة من شعر إثنين من أعلام أدباء القرن الهجري الثالث هما ابو تمام الطائي وابو إسماعيل العلوي، كونوا معنا:
نبدأ أولاً بتعريف مقتضب للشاعر المبدع ابي تمام الطائي، فهو حبيب بن أوس بن الحارث بن القيس بن الأشجع القحطاني. أحد أشهر شعراء العربية، وقد اختلفت الروايات في إثبات سني ولادته ووفاته على حد سواء. فمن قائل إنه ولد في عام ۱۷۲هـ، وقائل إنه في ۱۸۸هـ، وثالث إنه في العام ۱۹۰هـ. أما وفاته فترددت بين الأعوام: ۲۲۸هـ، ۲۳۱هـ ، ۲۳۲هـ. ذكره الجاحظ فقال: أحد رؤساء الإمامية. وكان الأوحد من شيوخ الشيعة في الأدب آنذاك فضلا عن معرفته المحكمة باللغة وأنه منتجع الفضيلة والكمال، هذا إلى جانب كونه أحد مجددي القصيدة العربية في أسلوبها ومعانيها، بل يعد شعره مرحلة فاصلة في ذلك. كان ولوعاً بحب آل محمد صلوات الله عليهم متعرضاً للإخطار في إظهار ولائه لهم عليهم السلام. وأبو تمام الطائي هو شامي الأصل ولد في قرية جاسم من أعمال (دمشق). وقد نزهه علماء الرجال الإمامية مثل ابن طاووس والعلامة وابن داود، وابن نما، والمحقق الأردبيلي وغيرهم. دفن رحمة الله عليه في الموصل وبنى عليه أبو نهشل بن حميد الطوسي قبة خارج باب الميدان على حافة الخندق.
قال ابو تمام الطائي من قصيدة له يمدح الإمام عليا عليه السلام، بعد ذكر بعض مصاديقه التنكر لوصايا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، قال:
ومن قبله أخلفتم لوصيه
بداهية دهياء ليس لها قدر
فجئتم بها بكرا عوانا ولم يكن
لها قبلها مثلٌ عوان ولا بكر
أخوه إذا عد الفخار وصهره
فلا مثله أخ ولا مثله صهر
وشد به أزر النبي محمد
كما شد من موسى بهارونه الأزر
وما زال كشافا دياجير غمرة
يمزقها عن وجهه الفتح والنصر
هو السيف سيف الله في كل مشهد
وسيف الرسول لا درّان ولا دثر
بأحد وبدر حين ماج برجله
وفرسانه أحد وماج بهم بدر
ويوم حنين والنضير و خيبر
وبالخندق الثاوي بعقوته عمرو
سما للمنايا الحمر حتى تكشفت
وأسيافه حمر وأرماحه حمر
ويوم الغدير استوضح الحق أهله
بضحياء لا فيها حجاب ولا ستر
أقام رسول الله يدعوهم بها
ليقربهم عرف وينهاهم نكر
يمد بضبعيه ويعلم أنه
وليٌ ومولاكم فهل لكم خبر؟!
كانت هذه ايها الأفاضل بعض أبيات القصيدة الرائية التي أنشأها شاعر القرن الهجري الثالث أبو تمام الطائي في مدح الوصي المرتضى عليه السلام. وذكر فيها بيعة الغدير، ومنها ننقلكم الى بعض أبيات في مدح الوصي المرتضى عليه السلام لأحد الأدباء الحكماء هو أبو إسماعيل العلوي، وهو محمد بن علي بن عبدالله بن العباس يتصل نسبه بأمير المؤمنين عليه السلام. وهو فاضل شاعر عاش في أيام المتوكل وبعده دهرا، ذكرذلك المرزباني في كتاب معجم الشعراء وقال: كان يكثر من افتخاره بأجداده من بني هاشم. وكان من أشعر ولد أبي طالب، وكان فصيحا بليغا. وكان راجح العقل تجري الحكمة على لسانه مجرى الأمثال، منها قوله في رجل من أهله: إني لأكره أن يكون لعلمه فضل على عقله، كما أكره أن يكون للسانه فضل على علمه.
وقد توفي ابو إسماعيل العلوي رضوان الله عليه سنة ستين بعد مئتين للهجرة، وله من قصيدة يذكرفيها يوم الغدير الأغر بقوله:
وجدي وزير المصطفى وابن عمه
علي شهاب الحرب في كل ملحم
أليس ببدر كان أول قاحم
يطير بحد السيف هام المقحم!؟
وأول من صلى ووحد ربه
وأفضل زوار الحطيم و زمزم
وصاحب يوم الدوح إذ قام أحمد
فنادى برفع الصوت لا بتهمهم
جعلتك مني يا علي بمنزل
كهارون من موسى النجيب المكلم
وفي إشارة الى آية المباهلة قال ابو إسماعيل العلوي في قصيدة يمدح بها الوصي المرتضى عليه السلام:
والحقه يوم البهال بنفسه
بأمر أتى من رافع السماوات
فمن نفسه منكم كنفس محمد
بني الإفك والبهتان والفجرات
وها نحن نصل بتوفيقه الله إخوتنا مستمعي إذاعة طهران الى ختام حلقة أخرى من برنامج من مدائح الأنوار، دمتم بكل خير وفي أمان الله.