الحمد لله وله المجد والحمد إله العالمين ونوامي الصلوات الزاكيات على مطالع نوره المبين محمد واله الطيبين السلام عليكم مستمعينا الأكارم بتوفيق الله نلتقيكم في هذا اللقاء ونحن نقرأ لكم قصيدتين مؤثرتين في مدح ورثاء سابع أئمة العترة المحمدية الطاهرة باب الحوائج موسى الكاظم – سلام الله عليه –. في القصيدة الأولى تصوير شعري بليغ لبعض مشاهد حياة الإمام الكاظم – عليه السلام – في سجن الطاغية العباسي هارون الرشيد ونظم شعري لدعوات الإمام _عليه السلام_ في السجن. أما القصيدة الثانية فتنطلق من حديث كاظمي عن فدائه عليه السلام لشيعته...
قال السيد عباس المدرسي في مديحة رثائية بليغة لمولانا باب الحوائج موسى الكاظم سلام الله عليه:
في عميق السجون والظلمات
راح يتلو الصلاة تلو الصلاة
هو ابن الإيمان ليس يبالي
فالبلايا للأنفس الصالحات
علوي الإباء والرفض فيه
رفض إيمان كافر باللات
خشية الله أرهبت منه قلبا
أرهب الظالمين في الحجرات
من يجلجل في قلبه الله فردا
يحسب الكون أصغرا من نواة
فهو أقوى قلبا وأربط جأشا
في شديد البلاء والأزمات
هات يا قلب من مناجاتك الآن
فأحلى النجوى لدى الخلوات
رب شكراً لفرصة العمر إني
كم تمنيت هذه في حياتي
أعبد الله وحده لا سواه
ليس من دونه يرى حالاتي
يأنس المؤمنون بالله مهما
حلت السجن عتمة الظلمات
ما ألذ الدعاء والقلب صاف
وأعز الدعاء في السهرات!
راح يدعو والليل رهن سكوت
وعيون العباد رهن السبات
ويناجي من لا تضيع لديه
دعوة في ضمائر الكائنات
رب زنزانتي أحب لنفسي
لن أجب طاغيا بشق نواة
يا إلهي وسيدي وحبيبي
يا رجاء المضطر في المشكلات
أنت أعلى من أن تنال بفكري
لن ينال الوادي ذرى الشاهقات
أنت أرشدتني إليك إلهي
فتفضل علي بالرحمات
يا مجيبا لو عز كل مجيب
ومغيثا لو غاب كل الحماة
يا إله اللطف الخفي أغثني
خلص الطير من لهاة البزاة
منقذ النبت من غلالة طين
ومياه محيطة بالنواة
منقذ الطفل بعد طول بقاء
من كهوف الأرحام والمشيمات
منقذ اللبن من دماء وفرث
جاريا في العروق والقنوات
رب خلص من سجن هارون نفسا
تتمنى الممات قبل الممات
ولقاء الرحمن في فسحة النور
طليقا من قيود العصاة
لك هارون ساعة ليس تنجو
من عذاب مسعورة الجمرات
كانت هذه قصيدة السيد عباس المدرسي رحمه الله عن الدعاء الكاظمي في سجن هارون العباسي، أما القصيدة الثانية فهي لأحد أدباء الولاء ينطلق فيها من حديث الإمام الكاظم – عليه السلام – المروي في قسم الأصول من كتاب الكافي والذي يصرح فيه الإمام الكاظم – عليه السلام – بأنه فدى شيعته بنفسه ويشير الى أن تطوع لتحمل السجن الهاروني والأذى ثم الشهادة لكى يدفع عن المؤمنين بلاءً فادحاً قد أحدق بهم؛ وإستناداً لهذا الحديث يخاطب شاعر الولاء إمامه باب الحوائج الكاظم – عليه السلام – قائلاً:
يا فادياً بنفسه شيعته
أهديتك الفؤاد يا مهجته
تلقاه في فناك مستعبراً
لخطبكم ومسبلاً عبرته
وشوقه إليك ملأ الحشا
يفيض دمعاً حاكياً لهفته
فتسمح الكف التي أدميت
بقيدهم عن عينه دمعته
فينبري القلب الى قيدهم
مدافعاً مجاهداً وطأته
يسكن تحت القيد مستنفراً
ولاءه مفجراً غيرته
عسى يقي مولاه من ثقله
يدفع عن معصمه حزته
فيألف المعصم ردءا له
من قيدهم يغدو له جنته
كما تحوط الأم أفراخها
يحضنه يزقه بهجته
فيسجد القلب له حامداً
ودمعه منور سجدته
يقول يا حبيبي المفتدي
يا فادياً بنفسه شيعته
وبهذا ينتهى لقاؤنا بكم إخوتنا في حلقة اليوم من برنامج ( مدائح الأنوار) وقد خصصناه لمديحتين لمولانا موسى ابن جعفر الكاظم – عليه السلام – شكرا لكم وفي أمان الله.